ثم سلى - سبحانه - نبيه عما أصابه منهم من أذى فقال : ( وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ التي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ ) .وكلمة ( كَأَيِّن ) مركبة من كاف التشبيه وأى الاستفهامية المنونة ، ثم هجر معنى جزأيها وصارت كلمة واحدة بمعنى كم الخبرية الدالة على التكثير ، ويكنى بها عن عدد مبهم فتحتاج إلى تميز بعدها . وهى مبتدأ . . وقوله : ( أَهْلَكْنَاهُمْ ) خبرها . و ( مِّن قَرْيَةٍ ) تمييز لها . والمراد بالقرية أهلها ، وهم مشركو قريش .أى : وكم من أهل قرية هم أشد قوة من أهل قريتك التى أخرجوك منها - أيها الرسول الكريم - فترتب على فعلهم هذا أن أهلكناهم دون أن ينصرهم من عقابنا ناصر ، أو أن يجيرهم من عذابنا مجير .قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه : وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لأهل مكة ، فى تكذيبهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد المرسلين ، وخاتم النبيين .روى ابن أبى حاتم ، بسنده - عن ابن عباس أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من مكة إلى الغار ، التفت إليها وقال : يا مكة : أنت أحب بلاد الله إلى الله وأنت أحب بلاد الله إلىَّ ، ولو أن المشركين لم يخرجونى لم أخرج منك . . فأنزل الله هذه الآية .