ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بالدعوة إلى صلاح الأعمال ، وبتهديد الكافرين بالعذاب الشديد ، وبتبشير المؤمنين بالثواب الجزيل ، وبدعوتهم إلى الإِكثار من الإِنفاق فى سبيله . . فقال - تعالى - : ( إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ . . . لاَ يكونوا أَمْثَالَكُم ) .والمراد بالذين كفروا فى قوله : - تعالى - : ( إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله ) جميع الكافرين ، كمشركى قريش ، والمنافقين ، وأهل الكتاب .أى : إن الذين كفروا بكل ما يجب الإِيمان به ، ( وَصَدُّواْ ) غيرهم عن الإِيمان بالحق . و " سبيل الله " الواضح المستقيم .( وَشَآقُّواْ الرسول ) أى : عادوه وخالفوه وآذوه ، وأصل المشاقة : أن تصير فى شق وجانب ، وعدوك فى شق وجانب آخر ، والمراد بها هنا : العداوة والبغضاء .وقوله : ( مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ) ذم وتجهيل لهم ، حيث حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعد أن ظهر لهم أنه على الحق ، وأنه صادق فيما يبلغه عن ربه .وقوله : ( لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ ) بيان للآثار السيئة التى ترتبت التى على هذا الصدود والعداوة .أى : هؤلاء الذين كفروا ، وصدوا غيرهم عن سبيل الله ، وحاروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء لن يضروا الله - تعالى - شيئا بسبب كفرهم وضلالهم ، وسيبطل - سبحانه - أعمالهم التى عملوها فى الدنيا ، وظنوها نافعة لهم ، كإطعام الطعام ، وصلة الأرحام .لأن هذه الأعمال قد صدرت من نفس كافرة ولن يقبل - سبحانه - عملا من تلك النفوس ، كما قال - تعالى - : ( وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ) وكما قال - سبحانه - : ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله مِنَ المتقين )