ثم تختتم السورة الكريمة بالدعوة إلى الإِنفاق فى سبيل الله فقال : ( هَا أَنتُمْ هؤلاء ) - أيها المؤمنون - ( تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله ) أى : فى وجوه الخير التى على رأسها الجهاد فى سبيل إعلاء كلمة الله ، ونصرة دينه .( فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ) أى : فمنكم - أيها المخاطبون - من يبخل بماله عن الإِنفاق فى وجوه الخير ( وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ) أى : ومن يبخل فإنما يبخل عن داعى نفسه لا عن داعى ربه ، أو فإنما يبخل على نفسه . يقال : بخل عليه وعنه - كفرح وكرم - بمعنى ، لأن البخل فيه معنى المنع والإِمساك ومعنى التضييق على مُنِع عنه المعروف ، فعدى بلفظ ( عَن ) نظرا للمعنى الأول ، ولفظ ( على ) نظرا للمعنى الثانى :( والله ) - تعالى - هو ( الغني وَأَنتُمُ الفقرآء ) إليه ، لاحتياجكم إلى عونه احتياجا تاما ، ( وَإِن تَتَوَلَّوْاْ ) أى : وإن تعرضوا عن هذا الإِرشاد الحكيم .( يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ) أى : يخلق بدلكم قوما آخرين .( ثُمَّ لاَ يكونوا أَمْثَالَكُم ) أى : ثم لا يكونوا أمثالكم فى الإِعراض عن الخير ، وفى البخل بما آتاهم الله من فضله .والمتأمل فى هذه الآية يراها قد اشتملت على أسمى ألوان الدعوة إلى الإِيمان والسخاء ، والنهى عن الجحود والبخل .وبعد فهذا تفسير وسيط لسورة محمد - صلى الله عليه وسلم - نسأل الله - تعالى - أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده .وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .