ثم بين - سبحانه - جانبا من مظاهر رحمته فقال : ( قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) .وقوله ( فَرَضَ ) هنا بمعنى شرع ، والتحلة : مصدر بمعنى التحليل ، والمراد بها الكفارة ، وهى مصدر حلّل كالتكرمة مصدر كرْم ، من الحل الذى هو ضد العقد .أى : قد شرع الله - تعالى - لكم تحليل الإيمان التى عقد تموها ، عن طريق الكفارة ، لأن اليمين إذا كانت فى أمر لا يحبه الله - تعالى - فالعدول عنها أولى وأفضل .وفى الحديث الشريف يقول - صلى الله عليه وسلم - " إنى والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يمينى وفعلت الذى هو خير " .وقد اختلف العلماء فى التحريم الذى كن من النبى - صلى الله عليه وسلم - أكان بيمين أم لا .وظاهر الآية يؤيد القول بالإيجاب لقوله - تعالى - : ( قَدْ فَرَضَ الله لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) لأن هذه الجملة الكريمة تشعر بأن هناك يمينا تحتاج إلى كفارة .وقد جاء فى بعض الروايات الصحيحة أنه قال : " بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش ، فلن أعود له ، وقد حلفت . لا تخبرى بذلك أحدا . . " .قال الآلوسى ما ملخصه : واختلفوا هل كفر النبى - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه هذه أولا؟فعن الحسن أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكفر لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وإنما هو تعليم للمؤمنين .وعن مقاتل : أنه - صلى الله عليه وسلم - أعتق رقبة . . . ونقل مالك عن زيد بن أسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى الكفارة .وقوله - سبحانه - : ( والله مَوْلاَكُمْ ) أى : وهو - سبحانه - سيدكم ومتولى أموركم وناصركم . وهو - تعالى - : ( العليم الحكيم ) أى : العليم بجميع أحوالكم وشئونكم ، الحكيم فى كل أقواله وأفعاله وتدبير شئون عباده .