ثم حكى - سبحانه - حالهم عندما يرون العذاب الذى استعجلوه فقال : ( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ وَقِيلَ هذا الذي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ ) .والفاء فى قوله : ( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً . . . ) هى الفصيحة . و ( لما ) ظرف بمعنى حين .و ( رأوه ) مستعمل فى المستقبل وجئ به بصيغة الماضى لتحقق الوقوع ، كما فى قوله - تعالى - : ( أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ . . . ) و ( زُلْفَةً ) اسم مصدر لأزلف إزلافا ، بمعنى القرب . ومنه قوله - تعالى - : ( وَأُزْلِفَتِ الجنة . . . ) أى : قربت للمتقين ، وهو حال من مفعول ( رَأَوْهُ ) .والمعنى : لقد حل بالكافرين العذاب الذى كانوا يستعجلونه ويقولون : متى هذا الوعد ، فحين رأوه نازلا بهم ، وقريبا منهم ( سِيئَتْ وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ ) أى : ساءت رؤيته وجوههم ، وحلت عليها غبرة ترهقها قترة .( وَقِيلَ ) لهم على سبيل التوبيخ والتأنيب ( هذا الذي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ ) أى : هذا هو العذاب الذى كنتم تتعجلون وقوعه فى الدنيا ، وتستهزئون بمن يحذركم منه .فقوله ( تَدَّعُونَ ) من الدعاء بمعنى الطلب ، أو من الدعوى .( سِيئَتْ ) فعل مبنى للمجهول . وأسند - سبحانه - حصول السوء إلى الوجوه ، لتضمينه معنى كلحت وقبحت واسودت ، لأن الخوف من العذاب قد ظهرت آثاره على وجوههم .وقال - سبحانه - ( سِيئَتْ وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ ) بالإظهار ، ولم يقل وجوههم ، لذمهم بصفة الكفر ، التى كانت السبب فى هلاكهم .ومفعول ( تَدَّعُونَ ) محذوف والتقدير : وقيل لهم هذا الذى كنتم تدعون عدم وقوعه قد وقع ، وها أنتم تشاهدونه أمام أعينكم .والجار والمجرور فى قوله ( بِهِ ) متعلق بتدعون لأنه مضمن معنى تكذبون .والقائل لهم هذا القول : هم خزنة النار ، على سبيل التبكيت لهم .