ثم أمره - سبحانه - للمرة الخامسة ، أن يبين لهم أنه هو وأصحابه معتمدون على الله - تعالى - وحده ، ومخلصون له العبادة والطاعة ، فقال : ( قُلْ هُوَ الرحمن آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا . . )أى : وقل يا محمد لهؤلاء الجاحدين : إذا كنتم قد أشركتم معه الله - تعالى - آلهة أخرى فى العبادة ، فنحن على النقيض منكم ، لأننا أخلصنا عبادتنا للرحمن الذى أوجدنا برحمته ، وآمنا به إيمانا حقا ، وعليه وحده توكلنا وفوضنا أمورنا .وأخر - سبحانه - مفعول ( آمَنَّا ) وقدم مفعول ( تَوَكَّلْنَا ) للتعريض بالكافرين ، الذين أصروا على ضلالهم ، فكأنه يقول : نحن آمنا ولم نكفر كما كفرتم ، وتوكلنا عليه وحده ، ولم نتوكل على ما أنتم متوكلون عليه من أصنامكم وأموالكم وأولادكم . .وقوله ( فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) مسوق مساق التهديد والوعيد أى : فستعلمون فى عاجل أمرنا وآجله ، أنحن الذين على الحق أم أنتم؟ ونحن الذين على الباطل أم أنتم؟فالمقصود بالآية الكريمة التهديد والإنذار ، مع إخراج الكلام مخرج الإِنصاف ، الذى يحملهم على التدبر والتفكر لو كانوا يعقلون .