والاستفهام فى قوله - تعالى - : ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ ) للتقرير والتعظيم لما أقسم به - من مخلوقات . واسم الإِشارة " ذلك " يعود إلى تلك الأشياء التى أقسم الله - تعالى - بها .والمراد بالحِجْر العقل ، وسمى بذلك لأنه يَحْجُر صاحبه ويمنعه عن ارتكاب ما لا ينبغى ، كما سمى عقلا ، لأنه يَعْقِل صاحبه عن ارتكاب السيئات ، كما يعقِل العقالُ البعيرَ عن الضلال .والمعنى : هل فى ذلك الذى أقسمنا به من الفجر ، والليالى العشر ، والشفع والوتر . . قسم ، أى : مقسم به ، حقيق أن تؤكد به الأخبار عند كل ذى عقل سليم؟ .مما لا شك فيه أن كل ذى عقل سليم ، يعلم تمام العلم ، أن ما أقسم الله به من هذه الأشياء حقيق أن يقسم به ، لكونها - أى : هذه الأشياء - أمورا جليلة ، خليقة بالإِقسام بها لفخامة شأنها ، كما أن كل ذى عقل سليم يعلم - أيضا - أن المقسم بهذا المقسم ، وهو الله - عز وجل - صادق فيما أقسم عليه .فالمقصود من وراء القسم بهذه الأشياء ، تحقيق المقسم عليه . بأسلوب فيه ما فيه من التأكيد والتشويق وتحقيق المقسم عليه .وجواب القسم محذوف دل عليه قوله - تعالى - بعد ذلك : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ) إلى قوله : ( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ) .والتقدير : وحق هذه المخلوقات لتعذبن - أيها الكافرون - كما عذب الذين من قبلكم ، مثل عاد وثمود وفرعون .قال الجمل : فإن قلت : ما فائدة قوله - تعالى - : ( هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ ) . بعد أن أقسم - سبحانه - بالأشياء المذكورة؟ قلنا : هو لزيادة التأكيد والتحقيق للمقسم عليه ، كمن ذكر حجة باهرة ، ثم قال : أفيما ذكرته حجة؟وجواب القسم محذوف ، أى : لتعذبن يا كفار مكة ، وقيل هو مذكور وهو قوله : ( إِنَّ رَبَّكَ لبالمرصاد ) ، وقيل محذوف لدلالة المعنى عليه ، أى لنجازين كل أحد بعمله ..