وقوله - سبحانه - : ( التي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البلاد ) صفة أخرى لقبيلة عاد .والمعنى : لقد وصل إلى علمك - أيها الرسول الكريم - بصورة يقينية ، خبر قبيلة عاد ، التى جدها الأدنى " إرم بن سام بن نوح " " والتى كانت تسكن بيوتا ذات أعمدة ، ترفع عليها خيامهم ومبانيهم الفارهة . . والتى لم يخلق مثلها - أى : مثل هذه القبيلة - أحد فى ضخامة أجسام أفرادها ، وفى قوة أبدانها ، وفيما أعطاها الله - تعالى - من غنى وقوة .قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه : قوله - تعالى - : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ . إِرَمَ ذَاتِ العماد . التي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البلاد ) هؤلاء كانوا متمردين عتاة . . فذكر - سبحانه - كيف أهلكهم .وهؤلاء عم عاد الأولى ، وهم أولاد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح ، وهم الذين أرسل الله إليهم نبيهم هودا - عليه السلام - فكذبوه فأهلكهم الله - تعالى - .فقوله : ( إِرَمَ ذَاتِ العماد ) لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشَّعر التى ترفع بالأعمدة الشداد .وقال ها هنا : ( التي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البلاد ) أى : القبيلة التى لم يخلق مثلها فى بلادهم ، لقوتهم وشدتهم ، وعظم تركيبهم .. فالضمير فى ( مثلها ) يعود إلى القبيلة .ومن زعم أن المراد بقوله : ( إِرَمَ ذَاتِ العماد ) مدينة إما دمشق أو الاسكندرية . . ففيه نظر . . لأن المراد إنما هو الإِخبار عن إهلاك القبيلة المسماة بعاد ، وليس المراد بالإِخبار عن مدينة أو إقليم . وإنما نبهت على ذلك لئلا يغتر بما ذكره جماعة من المفسرين من أن المراد بقوله - تعالى - : ( إِرَمَ ذَاتِ العماد . . . ) مدينة مبنية بلبن الذهب والفضة . . فهذا كله من خرافات الإِسرائيلين . .