للعلماء أقوال متعددة فى المقصود بالعصر هنا فمنهم من يرى أن المقصود به : الدهر كله ، لما فيه من العبر التى تدل دلالة واضحة على عظيم قدرة الله - تعالى - ، ولما فيه من الأحداث التى يراها الناس بأعينهم ، ويعرفونها عن غيرهم . .فهم يرون ويسمعون كم من غنى قد صار فقيرا ، وقوى قد صار ضعيفا ، ومسرور قد أصبح حزينا . . ورحم الله القائل :أشاب الصغير وأفنى الكبير ... كر الغداة ومر العشىقال القرطبى : قوله - تعالى - : ( والعصر ) أى : الدهر ، قال ابن عباس وغيره فالعصر مثل الدهر . . وأقسم به - سبحانه - لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها .ومنهم من يرى أن المقصود به : وقت صلاة العصر ، وقد صدر صاحب الكشاف تفسيره لهذه الآية بهذا الرأى فقال : أقسم - سبحانه - بصلاة العصر لفضلها ، بدليل قوله - تعالى - : ( حَافِظُواْ عَلَى الصلوات والصلاة الوسطى ) - وهى صلاة العصر - ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وَتِرَ أهله وماله " ولأن التكليف فى أدائها أشق لتهافت الناس فى تجاراتهم ومكاسبهم آخر النهار . .ومنهم من يرى أن المراد بالعصر هنا : عصر النبوة . لأفضليته بالنسبة لما سبقه من عصور .وقد رجح الإِمام ابن جرير القول الأول فقال : والصواب من القول فى ذلك أن يقال : إن ربنا أقسم بالعصر ، والعصر اسم الدهر ، وهو العشى ، والليل والنهار . .