Tafseer Al Qurtubi

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Tafseer Al Qurtubi tafsir for Surah Al-Muddaththir — Ayah 4

يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ ١ قُمۡ فَأَنذِرۡ ٢ وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ ٣ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ ٤

سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ. وَهِيَ سِتٌّ وَخَمْسُونَ آيَةً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤)

فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ أَيْ يَا ذَا الَّذِي قَدْ تَدَثَّرَ بِثِيَابِهِ، أَيْ تَغَشَّى بِهَا وَنَامَ، وَأَصْلُهُ الْمُتَدَثِّرُ فَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الدَّالِ لِتَجَانُسِهِمَا. وَقَرَأَ أُبَيِّ "الْمُتَدَثِّرُ" عَلَى الْأَصْلِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: مُعْظَمُ هَذِهِ السُّورَةِ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُحَدِّثُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ- قَالَ فِي حَدِيثِهِ: (فَبَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءَ جَالِسًا عَلَى كرسي بين السماء والأرض).

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (فَجُئِثْتُ [[جئثت أي ذعرت وخفت.]] مِنْهُ فَرَقًا، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (فِي رِوَايَةٍ- قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ- وَهِيَ الْأَوْثَانُ قَالَ:) ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْيُ (. خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدَ بْنَ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ: أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ قَبْلُ؟ قَالَ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ فَقُلْتُ: أَوِ "اقْرَأْ". فَقَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ قَبْلُ؟ قَالَ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ فَقُلْتُ: أَوِ "اقْرَأْ" فَقَالَ جَابِرٌ: أُحَدِّثُكُمْ مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: (جَاوَرْتُ بِحِرَاءَ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي نَزَلْتُ فَاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الْوَادِي، فَنُودِيَتْ فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شمالي فلم أرا أَحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْهَوَاءِ- يَعْنِي جِبْرِيلَ ﷺ- فَأَخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِي، فَدَثَّرُونِي فَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ فِيهِ:) فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، فَدَثَّرُونِي وَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا فَنَزَلَتْ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ. وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّهُ جَرَى عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مِنَ عُقْبَةَ [بْنِ رَبِيعَةَ [[الزيادة من ابن العربي.]]] أَمْرٌ، فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ مَغْمُومًا، فَقَلِقَ وَاضْطَجَعَ، فَنَزَلَتْ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ وَهَذَا بَاطِلٌ. وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ أَبُو نَصْرٍ: وَقِيلَ بَلَغَهُ قَوْلُ كُفَّارِ مَكَّةَ أَنْتَ سَاحِرٌ، فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ غَمًّا وَحُمَّ، فَتَدَثَّرَ بِثِيَابِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُمْ فَأَنْذِرْ أَيْ لَا تُفَكِّرْ فِي قَوْلِهِمْ، وَبَلِّغْهُمُ الرِّسَالَةَ. وَقِيلَ: اجْتَمَعَ أَبُو لَهَبٍ وَأَبُو سُفْيَانَ وَالْوَلِيدُ بن المغيرة والنضر بن الحرث وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَقَالُوا: قَدِ اجْتَمَعَتْ وُفُودُ الْعَرَبِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ، وَهُمْ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ، وَقَدِ اخْتَلَفْتُمْ فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُ، فَمِنْ قائل يقول مجنون، وَآخَرُ يَقُولُ كَاهِنٌ، وَآخَرُ يَقُولُ شَاعِرٌ، وَتَعْلَمُ الْعَرَبُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَجْتَمِعُ فِي رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَسَمُّوا مُحَمَّدًا بِاسْمٍ وَاحِدٍ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، وَتُسَمِّيهِ الْعَرَبُ بِهِ، فَقَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ: شَاعِرٌ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: سَمِعْتُ كَلَامَ ابْنِ الْأَبْرَصِ، وَأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ، وَمَا يُشْبِهُ كَلَامُ مُحَمَّدٍ كَلَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَقَالُوا: كَاهِنٌ. فَقَالَ: الْكَاهِنُ يَصْدُقُ وَيَكْذِبُ وَمَا كَذَبَ مُحَمَّدٌ قَطُّ، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَجْنُونٌ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: الْمَجْنُونُ يَخْنُقُ النَّاسَ وَمَا خَنَقَ مُحَمَّدٌ قَطُّ. وَانْصَرَفَ الْوَلِيدُ إِلَى بَيْتِهِ، فَقَالُوا: صَبَأَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَهْلٍ وَقَالَ: مالك يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ! هَذِهِ قُرَيْشٌ تَجْمَعُ لَكَ شَيْئًا يُعْطُونَكَهُ، زَعَمُوا أَنَّكَ قَدِ احْتَجْتَ وَصَبَأْتَ. فَقَالَ الْوَلِيدُ: مَا لِي إِلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ، وَلَكِنِّي فَكَّرْتُ فِي مُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: مَا يَكُونُ مِنَ السَّاحِرِ؟ فَقِيلَ: يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ، وَبَيْنَ الْأَخِ وَأَخِيهِ، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا، فَقُلْتُ: إِنَّهُ سَاحِرٌ. شَاعَ هَذَا فِي النَّاسِ وَصَاحُوا يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا سَاحِرٌ. وَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى بَيْتِهِ مَحْزُونًا فَتَدَثَّرَ بِقَطِيفَةٍ، وَنَزَلَتْ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَعْنَى يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ أَيِ الْمُدَّثِّرُ بِالنُّبُوَّةِ وَأَثْقَالِهَا. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا مَجَازٌ بَعِيدٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَنَبَّأَ بَعْدُ. وَعَلَى أَنَّهَا أَوَّلُ الْقُرْآنِ لَمْ يَكُنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ ثَانِيَ مَا نَزَلَ. الثَّانِيَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ

: مُلَاطَفَةٌ فِي الْخِطَابِ مِنَ الْكَرِيمِ إِلَى الْحَبِيبِ إِذْ نَادَاهُ بِحَالِهِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِصِفَتِهِ، وَلَمْ يَقُلْ يَا مُحَمَّدُ وَيَا فُلَانُ، لِيَسْتَشْعِرَ اللِّينَ وَالْمُلَاطَفَةَ مِنْ رَبِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ "الْمُزَّمِّلِ". وَمِثْلُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ لِعَلِيٍّ إِذْ نَامَ فِي الْمَسْجِدِ: (قُمْ أَبَا تُرَابٍ) وَكَانَ خَرَجَ مُغَاضِبًا لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَسَقَطَ رِدَاؤُهُ وَأَصَابَهُ تُرَابُهُ، خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِحُذَيْفَةَ لَيْلَةَ الْخَنْدَقِ: (قُمْ يَا نَوْمَانُ) وَقَدْ تَقَدَّمَ. الثَّالِثَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ أَيْ خَوِّفْ أَهْلَ مَكَّةَ وَحَذِّرْهُمُ الْعَذَابَ إِنْ لَمْ يُسْلِمُوا. وَقِيلَ: الْإِنْذَارُ هُنَا إِعْلَامُهُمْ بِنُبُوَّتِهِ، لِأَنَّهُ مُقَدِّمَةُ الرِّسَالَةِ. وَقِيلَ: هُوَ دُعَاؤُهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ، لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِهَا. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قُمْ فَصَلِّ وَأْمُرْ بِالصَّلَاةِ. الرَّابِعَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾ أَيْ سَيِّدَكَ وَمَالِكَكَ وَمُصْلِحَ أَمْرِكَ فَعَظِّمْ، وَصِفْهُ بِأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَاحِبَةٌ أَوْ وَلَدٌ. وَفِي حَدِيثٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: بِمَ تَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ؟ فَنَزَلَتْ: وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ أَيْ وَصِفْهُ بِأَنَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ يَقْتَضِي بِعُمُومِهِ تَكْبِيرَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ مُرَادٌ بِهِ التَّكْبِيرُ [[كذا في أحكام القرآن تفسير ابن العربي المطبوع بالقاهرة سنة ١٣٣١ هـ. وفيما نقله المؤلف عن ابن العربي هنا تصرف في اللفظ بزيادة ونقص فليراجع ج (٢٨٧/ ٢)]] وَالتَّقْدِيسُ وَالتَّنْزِيهُ، لِخَلْعِ الْأَنْدَادِ وَالْأَصْنَامِ دُونَهُ، وَلَا تَتَّخِذْ وَلِيًّا غَيْرَهُ، وَلَا تَعْبُدْ سِوَاهُ، ولا ترى لِغَيْرِهِ فِعْلًا إِلَّا لَهُ، وَلَا نِعْمَةً إِلَّا مِنْهُ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: اعْلُ هُبَلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: [قُولُوا اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ [وَقَدْ صَارَ هَذَا اللَّفْظُ بِعُرْفِ الشَّرْعِ فِي تَكْبِيرِ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا أَذَانًا وَصَلَاةً وَذِكْرًا بِقَوْلِهِ: "اللَّهُ أَكْبَرُ" وَحُمِلَ عَلَيْهِ لَفْظُ النَّبِيِّ ﷺ الْوَارِدُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي مَوَارِدَ، مِنْهَا قَوْلُهُ: [تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ [وَالشَّرْعُ يَقْتَضِي بِعُرْفِهِ مَا يَقْتَضِي بِعُمُومِهِ، وَمِنْ مَوَارِدِهِ أَوْقَاتُ الْإِهْلَالِ بِالذَّبَائِحِ لِلَّهِ تَخْلِيصًا لَهُ مِنَ الشِّرْكِ، وَإِعْلَانًا [[كذا في أحكام القرآن وفي ح، ز، و: (إعلاما) بالميم.]] بِاسْمِهِ فِي النُّسُكِ، وَإِفْرَادًا لِمَا شَرَعَ مِنْهُ لِأَمْرِهِ بِالسَّفْكِ. قُلْتُ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ "الْبَقَرَةِ" [[راجع ج ١ ص ١٧٥.]] أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ "اللَّهُ أَكْبَرُ" هُوَ الْمُتَعَبَّدُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ، الْمَنْقُولُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. وَفِي التَّفْسِيرِ: أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ: [اللَّهُ أَكْبَرُ [فَكَبَّرَتْ خَدِيجَةُ، وَعَلِمَتْ أَنَّهُ الْوَحْيُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، ذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ. الْخَامِسَةُ- الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ دَخَلَتْ عَلَى مَعْنَى جَوَابِ الْجَزَاءِ كَمَا دَخَلَتْ فِي (فَأَنْذِرْ) أَيْ قُمْ فَأَنْذِرْ وَقُمْ فَكَبِّرْ رَبَّكَ، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: هُوَ كَقَوْلِكَ زَيْدًا فَاضْرِبْ، أَيْ زَيْدًا اضْرِبْ، فَالْفَاءُ زَائِدَةٌ. السَّادِسَةُ- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ﴾ فِيهِ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالثِّيَابِ الْعَمَلُ. الثَّانِي الْقَلْبُ. الثَّالِثُ النَّفْسُ. الرَّابِعُ الْجِسْمُ. الْخَامِسُ الْأَهْلُ. السَّادِسُ الْخُلُقُ. السَّابِعُ الدِّينُ. الثَّامِنُ الثِّيَابُ الْمَلْبُوسَاتُ عَلَى الظَّاهِرِ. فَمَنْ ذَهَبَ إلى القول الأول قال: تأويل الآية وعملك فأصلح، قال مُجَاهِدٌ وَابْنُ زَيْدٍ. وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: يَقُولُ وَعَمَلَكَ فَأَصْلِحْ، قَالَ: وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ خَبِيثَ الْعَمَلِ قَالُوا إِنَّ فُلَانًا خَبِيثُ الثِّيَابِ، وَإِذَا كَانَ حَسَنَ الْعَمَلِ قَالُوا إِنَّ فُلَانًا طَاهِرُ الثِّيَابِ، وَنَحْوَهُ عَنِ السُّدِّيِّ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

لَا هُمَّ إِنَّ عَامِرَ بن جهم ... أو ذم حَجًّا فِي ثِيَابٍ دُسْمِ [[ثياب دسم: متلطخة بالذنوب. وفي، ح، ز: (أو دم) بالدال المهملة وهو تحريف. ومعنى البيت: أنه حج وهو متدنس بالذنوب. وأوذم الحج: أوجبه.]]

وَمِنْهُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنه قَالَ: [يُحْشَرُ الْمَرْءُ [[في ا، ح: (المؤمن).]] فِي ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ مَاتَ عَلَيْهِمَا [يَعْنِي عَمَلَهُ الصَّالِحَ وَالطَّالِحَ، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي قَالَ: إِنَّ تَأْوِيلَ الْآيَةِ وَقَلْبَكَ فَطَهِّرْ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، دَلِيلُهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

فَسُلِّي ثِيَابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ [[صدر البيت:

وإن كنت قد ساءتك منى خليقة]]

أَيْ قَلْبِي مِنْ قَلْبِكَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَهُمْ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- مَعْنَاهُ وَقَلْبَكَ فَطَهِّرْ مِنَ الْإِثْمِ وَالْمَعَاصِي، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ. الثَّانِي- وَقَلْبَكَ فَطَهِّرْ مِنَ الْغَدْرِ، أَيْ لَا تَغْدِرْ فَتَكُونَ دَنِسَ الثِّيَابِ. وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ:

فَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ لَا ثَوْبَ فَاجِرٍ ... لَبِسْتُ وَلَا مِنْ غَدْرَةٍ أَتَقَنَّعُ

وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ قَالَ: تَأْوِيلُ الْآيَةِ وَنَفْسَكَ فَطَهِّرْ، أَيْ مِنَ الذُّنُوبِ. وَالْعَرَبُ تَكُنِّي عَنِ النَّفْسِ بِالثِّيَابِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ:

فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الطَّوِيلِ ثِيَابَهُ ... لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى الْقَنَا بِمُحَرَّمِ

وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فَسُلِّيَ ثِيَابِي من ثيابك تنسل وَقَالَ [[نسب المؤلف هذا البيت فيما سيأتي لابن أبي كبشة مرة ولامرئ القيس مرة أخرى وفي (اللسان) و (شرح القاموس) أنه لامرئ القيس ولم نعثر عليه في ديوانه وقد نسبه ابن العربي لابن أبي كبشة. والشطر الأخير في ا، ز، ح، ط:

وأوجههم عند المشاهد غران]]:

ثِيَابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيَّةٌ ... وَأَوْجُهُهُمْ بِيضُ الْمَسَافِرِ غُرَّانُ

أَيْ أَنْفُسُ بَنِي عَوْفٍ. وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الرَّابِعِ قَالَ: تَأْوِيلُ الْآيَةِ وَجِسْمَكَ فَطَهِّرْ، أَيْ عَنِ الْمَعَاصِي الظَّاهِرَةِ. وَمِمَّا جَاءَ عَنِ الْعَرَبِ فِي الْكِنَايَةِ عَنِ الْجِسْمِ بِالثِّيَابِ قَوْلُ لَيْلَى، وَذَكَرَتْ إِبِلًا:

رَمَوْهَا بِأَثْيَابٍ خِفَافٍ فَلَا تَرَى ... لَهَا شَبَهًا إِلَّا النَّعَامَ الْمُنَفَّرَا

أَيْ رَكِبُوهَا فَرَمَوْهَا بِأَنْفُسِهِمْ. وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الْخَامِسِ قَالَ: تَأْوِيلُ الْآيَةِ وَأَهْلَكَ فَطَهِّرْهُمْ مِنَ الْخَطَايَا بِالْوَعْظِ وَالتَّأْدِيبِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْأَهْلَ ثَوْبًا وَلِبَاسًا وَإِزَارًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ [البقرة: ١٨٧]. الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَهُمْ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- مَعْنَاهُ وَنِسَاءَكَ فَطَهِّرْ، بِاخْتِيَارِ الْمُؤْمِنَاتِ الْعَفَائِفِ. الثَّانِي- الِاسْتِمْتَاعُ بِهِنَّ فِي الْقُبُلِ دُونَ الدُّبُرِ، فِي الطُّهْرِ لَا فِي الْحَيْضِ. حَكَاهُ ابْنُ بَحْرٍ. وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ السَّادِسِ قَالَ: تَأْوِيلُ الْآيَةِ وَخُلُقَكَ فَحَسِّنْ. قَالَهُ الْحَسَنُ وَالْقُرَظِيُّ، لِأَنَّ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَحْوَالِهِ اشْتِمَالَ ثِيَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَيَحْيَى لَا يُلَامُ بِسُوءِ خُلْقٍ ... وَيَحْيَى طَاهِرُ الْأَثْوَابِ حُرُّ

أَيْ حَسَنُ الْأَخْلَاقِ. وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ السَّابِعِ قَالَ: تَأْوِيلُ الْآيَةِ وَدِينَكَ فَطَهِّرْ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: (وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَعَلَيْهِمْ ثِيَابٌ، مِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ يَجُرُّهُ (. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا أَوَّلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: الدِّينُ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ إِلَّا فِي الصَّلَاةِ وَالْمَسَاجِدِ لَا فِي الطَّرِيقِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ يُرِيدُ مَالِكٌ أَنَّهُ كَنَّى عَنِ الثِّيَابِ بِالدِّينِ. وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الله ابن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ أَيْ لَا تَلْبَسْهَا عَلَى غَدْرَةٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي كَبْشَةَ [[انظر الحاشية رقم ٣ ص ٦٢ من هذا الجزء.]]:

ثِيَابُ بَنِي عَوْفٍ طَهَارَى نَقِيَّةٌ ... وَأَوْجُهُهُمْ بِيضُ الْمَسَافِرِ غُرَّانُ

يَعْنِي بِطَهَارَةِ ثِيَابِهِمْ: سَلَامَتَهُمْ مِنَ الدناءات، ويعني بغرة وجوههم تنزيهم عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ، أَوْ جَمَالَهُمْ فِي الْخِلْقَةِ أَوْ كِلَيْهِمَا، قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ. وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: لَا تَلْبَسْ ثِيَابَكَ عَلَى كَذِبٍ وَلَا جَوْرٍ وَلَا غَدْرٍ وَلَا إِثْمٍ، قَالَهُ عِكْرِمَةُ. ومنه قول الشاعر:

أو ذم حَجًّا فِي ثِيَابٌ دُسْمِ

أَيْ قَدْ دَنَّسَهَا بِالْمَعَاصِي. وَقَالَ النَّابِغَةُ:

رِقَاقُ النِّعَالِ طَيِّبٌ حُجُزَاتُهُمْ ... يُحَيَّوْنَ بِالرَّيْحَانِ يَوْمَ السَّبَاسِبِ [[البيت من قصيدة مدح بها عمرو بن الحارث الغساني. وأراد برقاق النعال أنهم ملوك لا يخصفون نعالهم وبطيب حجزاتهم عفتهم. والسباسب يوم (الشعانين) وهو يوم عيد عند النصارى وكان الممدوح نصرانيا.]]

وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَوْلِ الثَّامِنِ قَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهَا الثِّيَابُ الْمَلْبُوسَاتُ، فَلَهُمْ فِي تَأْوِيلِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهُمَا- مَعْنَاهُ وَثِيَابَكَ فَأَنْقِ، وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

ثياب بني عوف طهارى نقية

الثَّانِي- وَثِيَابَكَ فَشَمِّرْ وَقَصِّرْ، فَإِنَّ تَقْصِيرَ الثِّيَابِ أَبْعَدُ مِنَ النَّجَاسَةِ، فَإِذَا انْجَرَّتْ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يُصِيبَهَا مَا يُنَجِّسُهَا، قَالَهُ الزَّجَّاجُ وَطَاوُسٌ. الثَّالِثُ- وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ مِنَ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَابْنُ زَيْدٍ وَالْفُقَهَاءُ. الرَّابِعُ- لَا تَلْبَسْ ثِيَابَكَ إِلَّا مِنْ كَسْبٍ حَلَالٍ لِتَكُونَ مُطَهَّرَةً مِنَ الْحَرَامِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا تَكُنْ ثِيَابُكَ الَّتِي تَلْبَسُ مِنْ مَكْسَبٍ غَيْرِ طَاهِرٍ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَذَكَرَ بَعْضَ مَا ذَكَرْنَاهُ: لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ أَنْ تُحْمَلَ الْآيَةُ عَلَى عُمُومِ الْمُرَادِ فِيهَا بِالْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَإِذَا حَمَلْنَاهَا عَلَى الثِّيَابِ الْمَعْلُومَةِ الطَّاهِرَةِ فَهِيَ تَتَنَاوَلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا- تَقْصِيرُ الْأَذْيَالِ، لِأَنَّهَا إِذَا أُرْسِلَتْ تَدَنَّسَتْ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِغُلَامٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقَدْ رَأَى ذَيْلَهُ مُسْتَرْخِيًا: ارْفَعْ إِزَارَكَ فَإِنَّهُ أَتْقَى وأنقى وأبقى.

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:" إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ [[الإزرة بالكسر: الحالة وهيئة الائتزار.]] إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، وَمَا كَانَ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ" فَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ الْغَايَةَ فِي لِبَاسِ الْإِزَارِ الْكَعْبَ وَتَوَعَّدَ مَا تَحْتَهُ بِالنَّارِ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ يُرْسِلُونَ أَذْيَالَهُمْ، وَيُطِيلُونَ ثِيَابَهُمْ، ثُمَّ يَتَكَلَّفُونَ رَفْعَهَا بِأَيْدِيهِمْ، وَهَذِهِ حَالَةُ الْكِبْرِ، وَقَائِدَةُ الْعُجْبِ، [وَأَشَدُّ مَا فِي الْأَمْرِ أَنَّهُمْ يَعْصُونَ وَيَنْجُسُونَ وَيُلْحِقُونَ أَنْفُسَهُمْ [[الزيادة من ابن العربي (ج ٢٨٨/ ٢) طبع السعادة بالقاهرة.]]] بِمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ مَعَهُ غَيْرَهُ وَلَا أَلْحَقَ بِهِ سِوَاهُ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: [لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ [وَلَفْظُ الصَّحِيحِ: "مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ) فَعَمَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالنَّهْيِ، وَاسْتَثْنَى الصِّدِّيقَ، فَأَرَادَ الْأَدْنِيَاءُ إِلْحَاقَ أَنْفُسِهِمْ بِالرُّفَعَاءِ [[في ابن العربي: بالاقصياء.]]، وَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ. وَالْمَعْنَى الثَّانِي- غَسْلُهَا مِنَ النَّجَاسَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْهَا، صَحِيحٌ فِيهَا. الْمَهْدَوِيُّ: وَبِهِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى وُجُوبِ طَهَارَةِ الثَّوْبِ، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَابْنُ زَيْدٍ: لَا تُصَلِّ إِلَّا فِي ثَوْبٍ طَاهِرٍ. وَاحْتَجَّ بِهَا الشَّافِعِيُّ عَلَى وُجُوبِ طَهَارَةِ الثَّوْبِ. وَلَيْسَتْ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ بِفَرْضٍ، وَكَذَلِكَ طَهَارَةُ الْبَدَنِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ بِالِاسْتِجْمَارِ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ. وَقَدْ مَضَى هَذَا الْقَوْلُ فِي سورة "براءة" [[راجع ج ٨ ص ٦٣.]] مستوفى.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.