﴿وأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أحَدًا﴾ اتَّفَقَ القُرّاءُ العَشَرَةُ عَلى فَتْحِ الهَمْزَةِ في ﴿وأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ﴾ فَهي مَعْطُوفَةٌ عَلى مَرْفُوعِ ﴿أُوحِيَ إلَيَّ أنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ﴾ [الجن: ١]، ومَضْمُونُها مِمّا أُوحِيَ بِهِ إلى النَّبِيءِ ﷺ وأُمِرَ بِأنْ يَقُولَهُ. والمَعْنى: قُلْ أُوحِيَ إلَيَّ أنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ، فالمَصْدَرُ المُنْسَبِكُ مَعَ (أنْ) واسْمِها وخَبَرِها نائِبُ فاعِلِ (أُوحِيَ) .
والتَّقْدِيرُ: أُوحِيَ إلَيَّ اخْتِصاصُ المَساجِدِ بِاللَّهِ، أيْ: بِعِبادَتِهِ؛ لِأنَّ بِناءَها إنَّما كانَ لِيُعْبَدَ اللَّهُ فِيها، وهي مَعالِمُ التَّوْحِيدِ.
وعَلى هَذا الوَجْهِ حَمَلَ سِيبَوَيْهُ الآيَةَ وتَبِعَهُ أبُو عَلِيٍّ في الحُجَّةِ.
وذَهَبَ الخَلِيلُ أنَّ الكَلامَ عَلى حَذْفِ لامِ جَرٍّ قَبْلَ (أنَّ)، فالمَجْرُورُ مُقَدَّمٌ عَلى مُتَعَلِّقِهِ لِلِاهْتِمامِ. والتَّقْدِيرُ: ولِأنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أحَدًا.
واللّامُ في قَوْلِهِ لِلَّهِ لِلِاسْتِحْقاقِ، أيْ: اللَّهُ مُسْتَحِقُّها دُونَ الأصْنامِ والأوْثانِ فَمَن وضَعَ الأصْنامَ في مَساجِدِ اللَّهِ فَقَدِ اعْتَدى عَلى اللَّهِ.
والمَقْصُودُ هُنا هو المَسْجِدُ الحَرامِ؛ لِأنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا وضَعُوا فِيهِ الأصْنامَ وجَعَلُوا الصَّنَمَ (هُبَلَ) عَلى سَطْحِ الكَعْبَةِ، قالَ تَعالى ﴿ومَن أظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أنْ يُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ وسَعى في خَرابِها﴾ [البقرة: ١١٤] يَعْنِي بِذَلِكَ المُشْرِكِينَ مِن قُرَيْشٍ.
وهَذا تَوْبِيخٌ لِلْمُشْرِكِينَ عَلى اعْتِدائِهِمْ عَلى حَقِّ اللَّهِ وتَصَرُّفِهِمْ فِيما لَيْسَ لَهم أنْ
صفحة ٢٤١
يُغَيِّرُوهُ قالَ تَعالى ﴿وهم يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرامِ وما كانُوا أوْلِياءَهُ﴾ [الأنفال: ٣٤]، وإنَّما عَبَّرَ في هَذِهِ الآيَةِ وفي آيَةِ ﴿ومَن أظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٤] بِلَفْظِ (مَساجِدَ) لِيَدْخُلَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ فِعْلِهِمْ مَعَهم في هَذا الوَعِيدِ مِمَّنْ شاكَلَهم مِمَّنْ غَيَّرُوا المَساجِدَ، أوْ لِتَعْظِيمِ المَسْجِدِ الحَرامِ. كَما جَمَعَ (رُسُلِي) في قَوْلِهِ ﴿فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ﴾ [سبإ: ٤٥]، عَلى تَقْدِيرِ أنْ يَكُونَ ضَمِيرُ (كَذَّبُوا) عائِدٌ إلى ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [سبإ: ٤٣] في قَوْلِهِ ﴿وقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمّا جاءَهم إنْ هَذا إلّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [سبإ: ٤٣] أيْ: كَذَّبُوا رَسُولِي.ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿وقَوْمَ نُوحٍ لَمّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أغْرَقْناهُمْ﴾ [الفرقان: ٣٧] يُرِيدُ نُوحًا، وهو أوَّلُ رَسُولٍ، فَهو المَقْصُودُ بِالجَمْعِ.
وفُرِّعَ عَلى اخْتِصاصِ كَوْنِ المَساجِدِ بِاللَّهِ النَّهْيُ عَنْ أنْ يَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أحَدًا، وهَذا إلْزامٌ لَهم بِالتَّوْحِيدِ بِطَرِيقِ القَوْلِ بِالمُوجِبِ؛ لِأنَّهم كانُوا يَزْعُمُونَ أنَّهم أهْلُ بَيْتِ اللَّهِ فَعِبادَتُهم غَيْرَ اللَّهِ مُنافِيَةٌ لِزَعْمِهِمْ ذَلِكَ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.