﴿وذَرْنِي والمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ ومَهِّلْهم قَلِيلًا﴾ القَوْلُ فِيهِ كالقَوْلِ في ﴿فَذَرْنِي ومَن يُكَذِّبُ بِهَذا الحَدِيثِ﴾ [القلم: ٤٤] في سُورَةِ القَلَمِ، أيْ: دَعْنِي وإيّاهم، أيْ: لا تَهْتَمَّ بِتَكْذِيبِهِمْ ولا تَشْتَغِلْ بِتَكْرِيرِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ ولا تَغْضَبْ ولا تَسُبَّهم فَأنا أكْفِيكَهم.
وانْتَصَبَ المُكَذِّبِينَ عَلى المَفْعُولِ مَعَهُ، والواوُ واوُ المَعِيَّةِ.
والمُكَذِّبُونَ هم مَن عَناهم بِضَمِيرِ (يَقُولُونَ) (واهْجُرْهم)، وهُمُ المُكَذِّبُونَ لِلنَّبِيءِ ﷺ مِن أهْلِ مَكَّةَ، فَهو إظْهارٌ في مَقامِ الإضْمارِ لِإفادَةِ أنَّ التَّكْذِيبَ هو سَبَبُ هَذا التَّهْدِيدِ.
ووَصَفَهم بِـ أُولِي النَّعْمَةِ تَوْبِيخًا لَهم بِأنَّهم كَذَّبُوا لِغُرُورِهِمْ وبَطَرِهِمْ بِسَعَةِ حالِهِمْ، وتَهْدِيدًا لَهم بِأنَّ الَّذِي قالَ ﴿ذَرْنِي والمُكَذِّبِينَ﴾ سَيُزِيلُ عَنْهم ذَلِكَ التَّنَعُّمَ.
وفِي هَذا الوَصْفِ تَعْرِيضٌ بِالتَّهَكُّمِ؛؛ لِأنَّهم كانُوا يَعُدُّونَ سَعَةَ العَيْشِ ووَفْرَةَ المالِ
صفحة ٢٧٠
كَمالًا، وكانُوا يُعَيِّرُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالخَصاصَةِ قالَ تَعالى ﴿إنَّ الَّذِينَ أجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٢٩] ﴿وإذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ﴾ [المطففين: ٣٠] الآياتِ، وقالَ تَعالى ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ ويَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الأنْعامُ﴾ [محمد: ١٢] .والنَّعْمَةُ: هُنا بِفَتْحِ النُّونِ بِاتِّفاقِ القُرّاءِ. وهي اسْمٌ لِلتَّرَفُّهِ، وجَمْعُها أنْعُمٌ، بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وضَمِّ العَيْنِ.
وأمّا النِّعْمَةُ، بِكَسْرِ النُّونِ، فاسْمٌ لِلْحالَةِ المُلائِمَةِ لِرَغْبَةِ الإنْسانِ مِن عافِيَةٍ وأمْنٍ ورِزْقٍ، ونَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الغائِبِ. وجَمْعُها: نِعَمٌ، بِكَسْرِ النُّونِ وفَتْحِ العَيْنِ، وتُجْمَعُ جَمْعَ سَلامَةٍ عَلى نِعَماتٍ بِكَسْرِ النُّونِ وبِفَتْحِ العَيْنِ لِجُمْهُورِ العَرَبِ. وتُكْسَرُ العَيْنُ في لُغَةِ أهْلِ الحِجازِ كَسْرَةَ إتْباعٍ.
والنُّعْمَةُ: بِضَمِّ النُّونِ، اسْمٌ لِلْمَسَرَّةِ فَيَجُوزُ أنْ تُجْمَعَ عَلى نُعْمٍ عَلى أنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ، ويَجُوزُ أنْ تُجْمَعَ عَلى نُعَمٍ، بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مِثْلَ: غُرْفَةٍ وغُرَفٍ، وهو مُطَّرِدٌ في الوَزْنِ.
وجَعْلُهم ذَوِي النَّعْمَةِ - المَفْتُوحَةِ النُّونِ - لِلْإشارَةِ إلى أنَّ قُصارى حَظِّهِمْ في هَذِهِ الحَياةِ هي النَّعْمَةُ، أيِ: الِانْطِلاقُ في العَيْشِ بِلا ضِيقٍ، والِاسْتِظْلالُ بِالبُيُوتِ والجَنّاتِ، والإقْبالُ عَلى لَذِيذِ الطُّعُومِ ولَذائِذِ الِانْبِساطِ إلى النِّساءِ والخَمْرِ والمَيْسِرِ، وهم مُعْرِضُونَ عَنْ كَمالاتِ النَّفْسِ ولَذَّةِ الِاهْتِداءِ والمَعْرِفَةِ قالَ تَعالى ﴿أمْ تَحْسَبُ أنَّ أكْثَرَهم يَسْمَعُونَ أوْ يَعْقِلُونَ إنْ هم إلّا كالأنْعامِ بَلْ هم أضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٤٤] وتَعْرِيفُ النَّعْمَةِ لِلْعَهْدِ.
والتَّمْهِيلُ: الإمْهالُ الشَّدِيدُ، والإمْهالُ: التَّأْجِيلُ وتَأْخِيرُ العُقُوبَةِ، وهو مُتَرَتِّبٌ في المَعْنى عَلى قَوْلِهِ ﴿وذَرْنِي والمُكَذِّبِينَ﴾، أيْ: وانْتَظِرْ أنْ نَنْتَصِرَ لَكَ كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿ولا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ﴾ [الأحقاف: ٣٥] .
و(قَلِيلًا): وصْفٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أيْ: تَمْهِيلًا قَلِيلًا. وانْتَصَبَ عَلى المَفْعُولِ المُطْلَقِ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.