﴿إنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ تَعْلِيلٌ لِلْأمْرِ بِقِيامِ اللَّيْلِ، وقَعَ اعْتِراضًا بَيْنَ جُمْلَةِ (قُمِ اللَّيْلَ) وجُمْلَةِ ﴿إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هي أشَدُّ وطْئًا﴾ [المزمل: ٦]، وهو جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا لِحِكْمَةِ الأمْرِ بِقِيامِ اللَّيْلِ بِأنَّها تَهْيِئَةُ نَفْسِ النَّبِيءِ ﷺ لِيَحْمِلَ شِدَّةَ الوَحْيِ، وفي هَذا إيماءٌ إلى أنَّ اللَّهَ يَسَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَما قالَ تَعالى ﴿إنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧]، فَتِلْكَ مُناسَبَةُ وُقُوعِ هَذِهِ الجُمْلَةِ عَقِبَ جُمْلَةِ ﴿قُمِ اللَّيْلَ إلّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢] فَهَذا إشْعارٌ بِأنَّ نُزُولَ هَذِهِ الآيَةِ كانَ في أوَّلِ عَهْدِ النَّبِيءِ ﷺ بِنُزُولِ القُرْآنِ فَلَمّا قالَ لَهُ ﴿ورَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: ٤] أعْقَبَ بِبَيانِ عِلَّةِ الأمْرِ بِتَرْتِيلِ القُرْآنِ.
والقَوْلُ الثَّقِيلُ: هو القُرْآنُ وإلْقاؤُهُ عَلَيْهِ: إبْلاغُهُ لَهُ بِطَرِيقِ الوَحْيِ بِواسِطَةِ المَلَكِ.
وحَقِيقَةُ الإلْقاءِ: رَمْيُ الشَّيْءِ مِنَ اليَدِ إلى الأرْضِ وطَرْحِهِ، ويُقالُ: شَيْءٌ لَقى، أيْ: مَطْرُوحٌ، اسْتُعِيرَ الإلْقاءُ لِلْإبْلاغِ دُفْعَةً عَلى غَيْرِ تَرَقُّبٍ.
والثِّقَلُ المَوْصُوفُ بِهِ القَوْلُ ثِقَلٌ مَجازِيٌّ لا مَحالَةَ، مُسْتَعارٌ لِصُعُوبَةِ حِفْظِهِ لِاشْتِمالِهِ عَلى مَعانٍ لَيْسَتْ مِن مُعْتادِ ما يَجُولُ في مَدارِكِ قَوْمِهِ فَيَكُونُ حِفْظُ ذَلِكَ القَوْلِ عَسِيرًا عَلى الرَّسُولِ الأُمِّيِّ تَنُوءُ الطّاقَةُ عَنْ تَلَقِّيهِ.
وأشْعَرَ قَوْلُهُ ﴿إنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ أنَّ ثِقَلَهُ مُتَعَلِّقٌ ابْتِداءً بِالرَّسُولِ ﷺ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ ﴿إنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ﴾ وهو ثِقَلٌ مَجازِيٌّ في جَمِيعِ اعْتِباراتِهِ وهو ثَقِيلٌ صَعْبٌ تَلَقِّيهِ مِمَّنْ أنْزَلَ عَلَيْهِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ ثَقُلَ عَلَيْهِ وتَرَبَّدَ لَهُ جِلْدُهُ، أيْ: تَغَيَّرَ بِمِثْلِ القُشَعْرِيرَةِ، وقالَتْ عائِشَةُ: رَأيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ في اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ فَيَفْصِمُ عَنْهُ وإنَّ جَبِينَهُ لِيَرْفَضُّ عَرَقًا.
ويُسْتَعارُ ثِقَلُ القَوْلِ لِاشْتِمالِهِ عَلى مَعانٍ وافِرَةٍ يَحْتاجُ العِلْمُ بِها لِدِقَّةِ النَّظَرِ وذَلِكَ بِكَمالِ هَدْيِهِ ووَفْرَةِ مَعانِيهِ. قالَ الفَرّاءُ ثَقِيلًا لَيْسَ بِالكَلامِ السَّفْسافِ. وحَسْبُكَ أنَّهُ حَوى مِنَ المَعارِفِ والعُلُومِ ما لا يَفِي العَقْلُ بِالإحاطَةِ بِهِ فَكَمْ غاصَتْ فِيهِ أفْهامُ
صفحة ٢٦٢
العُلَماءِ مِن فُقَهاءَ ومُتَكَلِّمِينَ وبُلَغاءَ ولُغَوِيِّينَ وحُكَماءَ فَشابَهَ الشَّيْءَ الثَّقِيلَ في أنَّهُ لا يَقْوى الواحِدُ عَلى الِاسْتِقْلالِ بِمَعانِيهِ.وتَأْكِيدُ هَذا الخَبَرِ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ لِلِاهْتِمامِ بِهِ وإشْعارِ الرَّسُولِ ﷺ بِتَأْكِيدِ قُرْبِهِ واسْتِمْرارِهِ، لِيَكُونَ وُرُودُهُ أسْهَلَ عَلَيْهِ مِن وُرُودِ الأمْرِ المُفاجِئِ.
QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats.
Tafsir text may include <html>
tags for formatting such as <b>
,
<i>
, etc.
Note:
Tafsir content may span multiple ayahs. QUL exports both the tafsir text and the ayahs it applies to.
Example JSON Format:
{ "2:3": { "text": "tafisr text.", "ayah_keys": ["2:3", "2:4"] }, "2:4": "2:3" }
"ayah_key"
in "surah:ayah"
, e.g. "2:3"
means
3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
text
: the tafsir content (can include HTML)ayah_keys
: an array of ayah keys this tafsir applies toayah_key
where the tafsir text can be found.
ayah_key
: the ayah for which this record applies.group_ayah_key
: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
from_ayah
/ to_ayah
: start and end ayah keys for convenience (optional).ayah_keys
: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.text
: tafsir text. If blank, use the text
from the group_ayah_key
.