Tafseer Al-Baghawi

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Tafseer Al-Baghawi tafsir for Surah Al-Muzzammil — Ayah 6

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ أَيْ: سَاعَاتِهِ كُلَّهَا وَكُلُّ سَاعَةٍ مِنْهُ نَاشِئَةٌ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَنْشَأ أَيْ: تَبْدُو، وَمِنْهُ: نَشَأَتِ السَّحَابَةُ إِذَا بَدَتْ، فَكُلُّ مَا حَدَثَ بِاللَّيْلِ وَبَدَا فَقَدْ نَشَأَ فَهُوَ نَاشِئُ، وَالْجُمَعُ نَاشِئَةٌ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ الزُّبَيْرِ عَنْهَا فَقَالَا اللَّيْلُ كُلُّهُ نَاشِئَةٌ [[أخرجه الطبري: ٢٩ / ١٢٨.]] وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَابْنُ زَيْدٍ: أَيْ: سَاعَةَ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَدْ نَشَأَ وَهُوَ بِلِسَانِ الْحَبَشِ [الْقِيَامُ يُقَالُ] [[ساقط من "أ".]] نَشَأَ فَلَانٌ أَيْ: قَامَ [[أخرجه الطبري: ٢٩ / ١٢٨.]] .

وَقَالَتْ عَائِشَةُ: النَّاشِئَةُ الْقِيَامُ بَعْدَ النَّوْمِ.

وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هِيَ الْقِيَامُ مِنْ آخَرِ اللَّيْلِ.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هِيَ الْقِيَامُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ.

رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ، وَيَقُولُ: هَذِهِ نَاشِئَةُ اللَّيْلِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: كُلُّ صَلَاةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَهِيَ نَاشِئَةٌ مِنَ اللَّيْلِ.

وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: "نَاشِئَةُ اللَّيْلِ" قِيَامُ اللَّيْلِ، مَصْدَرٌ جَاءَ عَلَى فَاعِلَةٍ كَالْعَافِيَةِ بِمَعْنَى الْعَفْوِ.

﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا﴾ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ [وَأَبُو عَمْرٍو] [[ساقط من "أ".]] وِطَاءً بِكَسْرِ الْوَاوِ مَمْدُودًا بِمَعْنَى الْمُوَاطَأَةِ وَالْمُوَافَقَةِ، يُقَالُ: وَاطَأْتُ فُلَانًا مُوَاطَأَةً وَوَطْئًا، إِذَا وَافَقْتُهُ، وَذَلِكَ أَنَّ مُوَاطَأَةَ الْقَلْبِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَاللِّسَانِ بِاللَّيْلِ تَكُونُ أَكْثَرَ مِمَّا يَكُونُ بِالنَّهَارِ.

وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: [وَطْئًا] [[زيادة من "أ".]] بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الطَّاءِ، أَيْ: أَشَدُّ عَلَى الْمُصَلِّي وَأَثْقَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ لِأَنَّ اللَّيْلَ لِلنَّوْمِ وَالرَّاحَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ ﷺ: "اللَّهُمَّ اُشْدُدْ وَطَأَتَكَ عَلَى مُضَرَ" [[قطعة من حديث أخرجه البخاري في الدعوات، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة: ١١ / ١٩٣-١٩٤، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة برقم: (٦٧٥) ١ / ٤٦٦-٤٦٧. وساقه المصنف في شرح السنة: ٥ / ١٥٢.]] .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ صَلَاتُهُمْ أَوَّلَ اللَّيْلِ هي أشد وطا يَقُولُ هِيَ أَجْدَرُ أَنْ تُحْصُوا مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْقِيَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا نَامَ لَمْ يَدْرِ مَتَى يَسْتَيْقِظُ [[أخرجه الطبري: ٢٩ / ١٣٠.]] .

وَقَالَ قَتَادَةُ: أَثْبَتُ فِي الْخَيْرِ وَأَحْفَظُ لِلْقِرَاءَةِ [[أخرجه الطبري: ٢٩ / ١٢٩.]] .

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَثْبَتُ قِيَامًا [[معاني القرآن للفرء: ٣ / ١٩٧.]] أَيْ: أَوَطَأُ لِلْقِيَامِ وَأَسْهَلُ لِلْمُصَلِّي مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ لِأَنَّ النَّهَارَ خُلِقَ لِتَصَرُّفِ الْعِبَادِ، وَاللَّيْلَ لِلْخَلْوَةِ فَالْعِبَادَةُ فِيهِ أَسْهَلُ. وَقِيلَ: أَشَدُّ نَشَاطًا.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَفْرَغُ لَهُ قَلْبًا مِنَ النَّهَارِ لِأَنَّهُ لَا تَعْرِضُ لَهُ حَوَائِجُ [[معاني القرآن للفرء: ٣ / ١٩٧.]] .

وَقَالَ الحسن: أشد وطأ لِلْخَيْرِ وَأَمْنَعُ مِنَ الشَّيْطَانِ.

﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ وَأَصْوَبُ قِرَاءَةً وَأَصَحُّ قَوْلًا لِهَدْأَةِ النَّاسِ وَسُكُونِ الْأَصْوَاتِ.

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: أبين قولا ١٧٧/ب بِالْقُرْآنِ.

وَفِي الْجُمْلَةِ: عِبَادَةُ اللَّيْلِ أَشَدُّ نَشَاطًا وَأَتَمُّ إِخْلَاصًا وَأَكْثَرُ بَرَكَةً وَأَبْلَغُ فِي الثَّوَابِ [مِنْ عِبَادَةِ النَّهَارِ] [[ما بين القوسين زيادة من"ب".]] .