Al-Muharrar Al-Wajiz Ibn Atiyyah

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Al-Muharrar Al-Wajiz Ibn Atiyyah tafsir for Surah Al-Muddaththir — Ayah 11

ذَرۡنِي وَمَنۡ خَلَقۡتُ وَحِيدٗا ١١ وَجَعَلۡتُ لَهُۥ مَالٗا مَّمۡدُودٗا ١٢ وَبَنِينَ شُهُودٗا ١٣ وَمَهَّدتُّ لَهُۥ تَمۡهِيدٗا ١٤ ثُمَّ يَطۡمَعُ أَنۡ أَزِيدَ ١٥ كـَلَّآۖ إِنَّهُۥ كَانَ لِأٓيَٰتِنَا عَنِيدٗا ١٦ سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا ١٧ إِنَّهُۥ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ١٨ فَقُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ ١٩ ثُمَّ قُتِلَ كَيۡفَ قَدَّرَ ٢٠ ثُمَّ نَظَرَ ٢١ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ٢٢ ثُمَّ أَدۡبَرَ وَٱسۡتَكۡبَرَ ٢٣ فَقَالَ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ يُؤۡثَرُ ٢٤ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا قَوۡلُ ٱلۡبَشَرِ ٢٥

قوله عزّ وجلّ:

﴿ذَرْنِي ومَن خَلَقْتُ وحِيدًا﴾ ﴿وَجَعَلْتُ لَهُ مالا مَمْدُودًا﴾ ﴿وَبَنِينَ شُهُودًا﴾ ﴿وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا﴾ ﴿ثُمَّ يَطْمَعُ أنْ أزِيدَ﴾ ﴿كَلا إنَّهُ كانَ لآياتِنا عَنِيدًا﴾ ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا﴾ ﴿إنَّهُ فَكَّرَ وقَدَّرَ﴾ ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ ﴿ثُمَّ (p-٤٥٥)قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ ﴿ثُمَّ نَظَرَ﴾ ﴿ثُمَّ عَبَسَ وبَسَرَ﴾ ﴿ثُمَّ أدْبَرَ واسْتَكْبَرَ﴾ ﴿فَقالَ إنْ هَذا إلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ ﴿إنْ هَذا إلا قَوْلُ البَشَرِ﴾

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَرْنِي ومَن خَلَقْتُ﴾ وعِيدٌ مَحْضٌ، والمَعْنى: أنا أكْفِي عِقابَهُ وشَأْنَهُ كُلَّهُ، ولا خِلافَ بَيْنِ المُفَسِّرِينَ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةَ المَخْزُومِيِّ، فَيَرْوِي أنَّهُ كانَ يُلَقَّبُ بِالوَحِيدِ أيْ لِأنَّهُ لا نَظِيرَ لَهُ في مالِهِ وشَرَفِهِ في بَيْتِهِ، فَذَكَرَ "الوَحِيدَ" في الآيَةِ في جُمْلَةِ النِعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَ، وإنْ لَمْ يُثْبِتْ هَذا، فَقَوْلُهُ تَعالى: "خَلَقْتُ وحِيدًا" مَعْناهُ: مُنْفَرِدًا قَلِيلًا ذَلِيلًا، فَجَعَلْتُ لَهُ المالَ والبَنِينَ، فَجاءَ ذِكْرُ الوَحْدَةِ مُقَدَّمَةً حَسُنَ مَعَها مَوْقِعُ المالَ والبَنِينَ، وقِيلَ: المَعْنى: خَلَقْتُهُ وحْدِي لَمْ يُشْرِكْنِي فِيهِ أحَدٌ، فـ "وَحِيدًا" حالٌ مِنَ التاءِ في "خَلَقْتُ".

و"المالُ المَمْدُودُ" قالَ مُجاهِدٌ، وابْنُ جُبَيْرٍ: هو ألْفُ دِينارٍ، وقالَ سُفْيانُ: بَلَغَنِي أنَّهُ أرْبَعَةُ آلافٍ، وقالَهُ قَتادَةُ، وقِيلَ: عَشَرَةُ آلافٍ.

قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:

فَهَذا مَدٌّ في العَدَدِ.

وقالَ النُعْمانُ بْنُ سالِمٍ: هي الأرْضُ لِأنَّها مُدَّتْ، وقالَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ: المالُ المَمْدُودُ: الرِيعُ المُسْتَغَلُّ مُشاهَرَةً، فَهو مَدٌّ في الزَمانِ لا يَنْقَطِعُ.

"وَبَنِينَ شُهُودًا" مَعْناهُ: حُضُورًا مُتَلاحِقِينَ، قالَ مُجاهِدٌ وقَتادَةُ: كانَ لَهُ عَشَرَةٌ مِنَ الوَلَدِ، وقالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: كانَ لَهُ ثَلاثَةَ عَشَرَ، و"التَمْهِيدُ" التَوْطِئَةُ والتَهْيِئَةُ، قالَ سُفْيانُ: المَعْنى: بَسَطْتُ لَهُ العَيْشَ بَسْطًا.

وقَوْلُهُ تَعالى: "ثُمَّ يَطْمَعُ أنْ أزِيدَ" وصَفَهُ لِجَشَعِ الوَلِيدِ ورَغْبَتِهِ في الِازْدِيادِ مِنَ الدُنْيا، وقَوْلُهُ تَعالى: "كَلّا" زَجْرٌ ورَدَ عَلى أُمْنِيَةِ هَذا المَذْكُورِ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعالى عنهُ أنَّهُ كانَ مُعانِدًا مُخالِفًا لِآياتِ اللهِ وعِبَرِهِ، يُقالُ: بَعِيرٌ عُنُودٌ لِلَّذِي يَمْشِي مُخالِفًا لِلْإبِلِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُرِيدَ بِالآياتِ آياتِ القُرْآنِ، وهو الأصَحُّ في التَأْوِيلِ سَبَبُ كَلامِ الوَلِيدِ في (p-٤٥٦)القُرْآنِ بِأنَّهُ سْحْرٌ، و"أُرْهِقُهُ" مَعْناهُ: أُكَلِّفُهُ بِمَشَقَّةٍ وعُسْرٍ، «وَ"صَعُودًا" عَقَبَةٌ في جَهَنَّمَ، ورَوى ذَلِكَ أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ عَنِ النَبِيِّ ﷺ،» كُلَّما وضَعَ عَلَيْها شَيْءٌ مِنَ الإنْسانِ ذابَ، والصُعُودُ في اللُغَةِ: العَقَبَةُ الشاقَّةُ.

قَوْلُهُ تَعالى مُخْبِرًا عَنِ الوَلِيدِ "إنَّهُ فَكَّرَ وقَدَّرَ" الآيَةُ. رَوى جُمْهُورٌ مِنَ المُفَسِّرِينَ أنَّ الوَلِيدَ سَمِعَ مِنَ القُرْآنِ ما أعْجَبَهُ ومَدَحَهُ، ثُمَّ سَمِعَ كَذَلِكَ مِرارًا حَتّى كادَ أنْ يُقارِبَ الإسْلامَ، ودَخَلَ إلى أبِي بَكْرٍ الصَدِيقِ رَضِيَ اللهُ عنهُ مِرارًا، فَجاءَهُ أبُو جَهْلٍ فَقالَ: يا ولِيدُ، أشْعَرْتَ أنَّ قُرَيْشًا قَدْ ذَمَّتْكَ بِدُخُولِكَ إلى ابْنِ أبِي قُحافَةَ، وزَعَمْتَ أنَّكَ إنَّما تَقْصِدُ أنْ تَأْكُلَ طَعامَهُ؟ وقَدْ أبْغَضَتْكَ لِمُقارَبَتِكَ أمْرَ مُحَمَّدٍ، وما يُخَلِّصُكَ عِنْدَهم إلّا أنْ تَقُولَ في هَذا الكَلامِ قَوْلًا يُرْضِيهِمْ، فَفَتَنَهُ أبُو جَهْلٍ فافْتُتِنَ، وقالَ: افْعِلْ ذَلِكَ، ثُمَّ فَكَّرَ فِيما عَسى أنْ يَقُولَ في القُرْآنِ، فَقالَ: أقُولُ هو شِعْرٌ، ما هو بِشِعْرٍ، أقُولُ: هو كاهِنٌ، ما هو بِكاهِنٍ، أقُولُ: هو سِحْرٌ يُؤْثَرُ، هو قَوْلُ البَشَرِ، أيْ: لَيْسَ مُنْزَلًا مِن عِنْدِ اللهِ تَعالى، قالَ أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ: فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ ﴿ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ هو دُعاءٌ عَلَيْهِ وتَقْبِيحٌ لِحالِهِ، أيْ أنَّهُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ. ورُوِيَ عَنِ الزُهْرِيِّ وجَماعَةٍ غَيْرِهِ أنَّ الوَلِيدَ حاجَّ أبا جَهْلِ وجَماعَةٍ مِن قُرَيْشٍ في أمْرِ القُرْآنِ، وقالَ: واللهِ إنَّ لَهُ لَحَلاوَةٌ وإنَّ أصْلَهُ لِعَذْقٌ، وإنَّ فَرْعَهُ لَجَناهُ، وإنَّهُ لِيَحْكُمُ ما تَحْتَهُ، وإنَّهُ لِيَعْلُوَ ولا يُعْلى، ونَحْوُ هَذا مِنَ الكَلامِ، فَخالَفُوهُ فَقالُوا لَهُ: هو شِعْرٌ، فَقالَ: واللهِ ما هو بِشِعْرٍ، ولَقَدْ عَرَفْنا الشِعْرَ هَزْجَهُ وبَسِيطَهُ، قالُوا: فَهو مَجْنُونٌ، قالَ: واللهِ ما هو بِمَجْنُونٍ، ولَقَدْ رَأيْنا (p-٤٥٧)الجُنُونَ وخَنَقَهُ، قالُوا: هو سِحْرٌ، قالَ أمّا هَذا فَيُشْبِهُ أنَّهُ سِحْرٌ ويَقُولُ أقَوّالُ نَفْسِهِ.

قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ:

فَيُحْتَمَلُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ أنْ يَكُونَ دُعاءً عَلَيْهِ عَلى مَعْنى تَقْبِيحِ حالِهِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ دُعاءً مُقْتَضاهُ اسْتِحْسانُ مَنزَعِهِ الأوَّلِ في مَدْحِهِ القُرْآنَ، وفي نَفْيِهِ الشِعْرَ والكَهانَةِ والجُنُونِ عنهُ، فَيَجْرِي هَذا مَجْرى قَوْلِ النَبِيِّ ﷺ لِأبِي جَنْدَلِ بْنِ سُهَيْلٍ: « "وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ"،» ومَجْرى قَوْلِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوانَ: قاتَلَ اللهُ كَثِيرًا، كَأنَّهُ رَآنا حِينَ قالَ كَذا، وهَذا مَعْنًى مَشْهُورٌ في كَلامِ العَرَبِ.

ثُمَّ وصَفَ تَعالى إدْبارَهُ واسْتِكْبارَهُ وأنَّهُ ضَلَّ عِنْدَ ذَلِكَ وكَفَرَ، وإذا قُلْنا إنَّ ذَلِكَ دُعاءٌ عَلى مُسْتَحْسِنٍ فَعْلَهُ فَيَجِيءُ قَوْلُهُ تَعالى: "ثُمَّ نَظَرَ" فِيما احْتَجَّ بِهِ القُرْآنُ فَرَأى ما فِيهِ مِن عُلُوِّ مَرْتَبَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَعَبَسَ لِذَلِكَ وبَسَرَ، أيْ قَطَبَ وقَبَضَ ما بَيْنَ عَيْنَيْهِ وأرْبَدَ وجْهَهُ حَسَدًا لَهُ فَأدْبَرَ، أيِ ارْتَكَسَ في ضَلالِهِ، وزالَ إقْبالُهُ أوَّلًا لِيَهْتَدِيَ ولَحِقَتْهُ الكِبْرِياءُ، وقالَ: هَذا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، ومَعْناهُ: يُرْوى ويُحْمَلُ، أيْ يَحْمِلُهُ مُحَمَّدٌ عن غَيْرِهِ، وعَلى التَأْوِيلِ الأوَّلِ أنَّ الدُعاءَ عَلَيْهِ دُعاءٌ عَلى مُسْتَقْبَحِ فِعْلِهِ يَجِيءُ قَوْلُهُ تَعالى "ثُمَّ نَظَرَ" مَعْنًى (p-٤٥٨)مُعادًا بِعَيْنِهِ؛ "لِأنَّ فَكَّرَ" وقَدَّرَ يَقْتَضِيهِ لَكِنَّهُ إخْبارٌ بِتَرْدِيدِهِ النَظَرَ في الأمْرِ، وقَدْ رُوِيَ أنَّ النَبِيَّ ﷺ دَعا الوَلِيدَ، فَقالَ لَهُ: انْظُرْ وفَكِّرْ، فَلَمّا فَكَّرَ قالَ ما تَقَدَّمَ.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.