Al-Bahr Al-Muhit

Multiple Ayahs

Tags

Download Links

Al-Bahr Al-Muhit tafsir for Surah Al-Insan — Ayah 24

عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا ٢١ إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمۡ جَزَآءٗ وَكَانَ سَعۡيُكُم مَّشۡكُورًا ٢٢ إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا ٢٣ فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا ٢٤ وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا ٢٥ وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَٱسۡجُدۡ لَهُۥ وَسَبِّحۡهُ لَيۡلٗا طَوِيلًا ٢٦ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ يُحِبُّونَ ٱلۡعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمۡ يَوۡمٗا ثَقِيلٗا ٢٧ نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا ٢٨ إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا ٢٩ وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا ٣٠ يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا ٣١

﴿وسَقاهم رَبُّهم شَرابًا طَهُورًا﴾ طَهُورٌ صِفَةُ مُبالَغَةٍ في الطَّهارَةِ، وهي مِن فِعْلٍ لازِمٍ، وطَهارَتُها بِكَوْنِها لَمْ يُؤْمَرْ بِاجْتِنابِها، ولَيْسَتْ كَخَمْرِ الدُّنْيا الَّتِي هي في الشَّرْعِ رِجْسٌ، أوْ لِكَوْنِها لَمْ تُدَسْ بِرِجْلٍ دَنِسَةٍ، ولَمْ تُمَسَّ بِيَدٍ وضِرَةٍ، ولَمْ تُوضَعْ في إناءٍ لَمْ يُعْنَ بِتَنْظِيفِهِ، ذَكَرَهُ بِأبْسَطَ مِن هَذا الزَّمَخْشَرِيُّ ثُمَّ قالَ: أوْ لِأنَّهُ لا يَئُولُ إلى النَّجاسَةِ؛ لِأنَّهُ يُرْشَحُ عَرَقًا مِن أبْدانِهِمْ لَهُ رِيحٌ كَرِيحِ المِسْكِ. انْتَهى. وهَذا الآخَرُ قالَهُ أبُو قِلابَةَ، والنَّخَعِيُّ، وإبْراهِيمُ التَّيْمِيُّ، قالُوا: لا تَنْقَلِبُ إلى البَوْلِ، بَلْ تَكُونُ رَشْحًا مِنَ الأبْدانِ أطْيَبَ مِنِ المِسْكِ (إنَّ هَذا): أيِ النَّعِيمَ السَّرْمَدِيَّ ﴿كانَ لَكم جَزاءً﴾: أيْ لِأعْمالِكُمُ الصّالِحَةِ ﴿وكانَ سَعْيُكم مَشْكُورًا﴾: أيْ مَقْبُولًا مُثابًا، قالَ قَتادَةُ: لَقَدْ شَكَرَ اللَّهُ سَعْيًا قَلِيلًا، وهَذا عَلى إضْمارِ يُقالُ لَهم، وهَذا القَوْلُ لَهم هو عَلى سَبِيلِ التَّهْنِئَةِ والسُّرُورِ لَهم بِضِدِّ ما يُقالُ لِلْمُعاقَبِ: إنَّ هَذا بِعَمَلِكَ الرَّدِيءِ، فَيَزْدادُ غَمًّا وحُزْنًا.

ولَمّا ذَكَرَ أوَّلًا حالَ الإنْسانِ وقَسَّمَهُ إلى العاصِي والطّائِعِ ذَكَرَ ما شَرَّفَ بِهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ، فَقالَ: ﴿إنّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ القُرْآنَ﴾ وأمَرَهُ بِالصَّبْرِ بِحُكْمِهِ، وجاءَ التَّوْكِيدُ بِإنَّ لِمَضْمُونِ الخَبَرِ ومَدْلُولِ المُخْبَرِ عَنْهُ، وأُكِّدَ الفِعْلُ بِالمَصْدَرِ ﴿ولا تُطِعْ مِنهم آثِمًا أوْ كَفُورًا﴾ قالَ قَتادَةُ: نَزَلَتْ في أبِي جَهْلٍ، قالَ: إنْ رَأيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأطَأنَّ عَلى عُنُقِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولا تُطِعْ﴾ الآيَةَ. والنَّهْيُ عَنْ طاعَةِ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما أبْلَغُ مِنَ النَّهْيِ عَنْ طاعَتِهِما؛ لِأنَّهُ يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ أحَدِهِما، لِأنَّ في طاعَتِهِما طاعَةَ أحَدِهِما، ولَوْ قالَ: لا تَضْرِبْ زَيْدًا وعَمْرًا لَجازَ أنْ يَكُونَ نَهْيًا عَنْ ضَرْبِهِما جَمِيعًا لا عَنْ ضَرْبِ أحَدِهِما، وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: أوْ بِمَعْنى الواوِ، والكَفُورُ وإنْ كانَ إثْمًا، فَإنَّ فِيهِ مُبالَغَةً في الكُفْرِ، ولَمّا كانَ وصْفُ الكَفُورِ مُبايِنًا لِلْمَوْصُوفِ لِمُجَرَّدِ الإثْمِ، صَلَحَ التَّغايُرُ فَحَسُنَ العَطْفُ.

وقِيلَ: الآثِمُ عُتْبَةُ، والكَفُورُ الوَلِيدُ؛ لِأنَّ عُتْبَةَ كانَ رَكّابًا لِلْمَآثِمِ مُتَعاطِيًا لِأنْواعِ الفُسُوقِ، وكانَ الوَلِيدُ غالِيًا في الكُفْرِ، شَدِيدَ الشَّكِيمَةِ في العُتُوِّ.

﴿واذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً﴾: يَعْنِي صَلاةَ الصُّبْحِ، (وأصِيلًا): الظَّهْرَ والعَصْرَ، ﴿ومِنَ اللَّيْلِ﴾: المَغْرِبَ والعِشاءَ، وقالَ ابْنُ زَيْدٍ وغَيْرُهُ: كانَ ذَلِكَ فَرْضًا ونُسِخَ، فَلا فَرْضَ إلّا الخَمْسُ، وقالَ قَوْمٌ: هو مُحْكَمٌ عَلى وجْهِ النَّدْبِ ﴿إنَّ هَؤُلاءِ﴾: إشارَةٌ إلى الكَفَرَةِ ﴿يُحِبُّونَ العاجِلَةَ﴾: يُؤْثِرُونَها عَلى الدُّنْيا ﴿ويَذَرُونَ وراءَهُمْ﴾: أيْ أمامَهم، وهو ما يَسْتَقْبِلُونَ مِنَ الزَّمانِ ﴿يَوْمًا ثَقِيلًا﴾: اسْتُعِيرَ الثِّقَلُ لِلْيَوْمِ لِشِدَّتِهِ، وهَوْلِهِ مِن ثِقَلِ الجُرْمِ الَّذِي يُتْعِبُ حامِلَهُ، وتَقَدَّمَ شَرْحُ الأسْرِ في سُورَةِ القِتالِ ﴿وإذا شِئْنا﴾: أيْ تَبْدِيلَ أمْثالِهِمْ بِإهْلاكِهِمْ ﴿بَدَّلْنا أمْثالَهُمْ﴾ مِمَّنْ يُطِيعُ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وحَقُّهُ أنْ يَجِيءَ بِإنْ لا بِإذا، كَقَوْلِهِ: ﴿وإنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨]، ﴿إنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ﴾ [النساء: ١٣٣] انْتَهى، يَعْنِي أنَّهم قالُوا: إنَّ إذا لِلْمُحَقَّقِ وإنْ لِلْمُمْكِنِ، وهو تَعالى لَمْ يَشَأْ، لَكِنَّهُ قَدْ تُوضَعُ إذا مَوْضِعَ إنْ، وإنْ مَوْضِعَ إذا، كَقَوْلِهِ: ﴿أفَإنْ مِتَّ فَهُمُ الخالِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٣٤]، (إنَّ هَذِهِ): أيِ السُّورَةَ، أوْ آياتِ القُرْآنِ أوْ جُمْلَةَ الشَّرِيعَةِ لَيْسَ عَلى جِهَةِ التَّخْيِيرِ، بَلْ عَلى جِهَةِ التَّحْذِيرِ مِنَ اتِّخاذِ غَيْرِ سَبِيلِ اللَّهِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لِمَن شاءَ مِمَّنِ اخْتارَ الخَيْرَ لِنَفْسِهِ والعاقِبَةَ، واتِّخاذُ السَّبِيلِ إلى اللَّهِ عِبارَةٌ عَنِ التَّقَرُّبِ إلَيْهِ والتَّوَسُّلِ بِالطّاعَةِ، ﴿وما تَشاءُونَ﴾: الطّاعَةَ، ﴿إلّا أنْ يَشاءَ اللَّهُ﴾، يَقْسِرُهم عَلَيْها، ﴿إنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيمًا﴾ بِأحْوالِهِمْ وما يَكُونُ مِنهم (حَكِيمًا) حَيْثُ خَلَقَهم مَعَ عِلْمِهِ بِهِمْ. انْتَهى. وفِيهِ دَسِيسَةُ الِاعْتِزالِ، وقَرَأ العَرَبِيّان وابْنُ كَثِيرٍ: وما يَشاءُونَ بِياءِ الغَيْبَةِ، وباقِي السَّبْعَةِ: بِتاءِ الخِطابِ، ومَذْهَبُ أهْلِ السُّنَّةِ أنَّهُ نَفْيٌ لِقُدْرَتِهِمْ عَلى الِاخْتِراعِ وإيجادِ المَعانِي في أنْفُسِهِمْ، ولا يَرُدُّ هَذا وُجُودُ ما لَهم مِنَ الِاكْتِسابِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: ما مَحَلُّ ﴿أنْ يَشاءَ اللَّهُ﴾ ؟ قُلْتُ: النَّصْبُ عَلى الظَّرْفِ، وأصْلُهُ: إلّا وقْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ، وكَذَلِكَ قَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ: إلّا ما يَشاءُ اللَّهُ،

صفحة ٤٠٢

لِأنَّ ما مَعَ الفِعْلِ كانَ مَعَهُ. انْتَهى. ونَصُّوا عَلى أنَّهُ لا يَقُومُ مَقامَ الظَّرْفِ إلّا المَصْدَرُ المُصَرَّحُ بِهِ، كَقَوْلِكَ: أجِيئُكَ صِياحَ الدِّيكِ، ولا يُجِيزُونَ: أجِيئُكَ أنْ يَصِيحَ الدِّيكُ، ولا ما يَصِيحُ الدِّيكُ، فَعَلى هَذا لا يَجُوزُ ما قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ.

﴿يُدْخِلُ مَن يَشاءُ في رَحْمَتِهِ﴾: وهُمُ المُؤْمِنُونَ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: (والظّالِمِينَ) نَصْبًا بِإضْمارِ فِعْلٍ يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ: ﴿أعَدَّ لَهُمْ﴾، وتَقْدِيرُهُ: ويُعَذِّبُ الظّالِمِينَ، وهو مِن بابِ الِاشْتِغالِ جُمْلَةُ عَطْفٍ فِعْلِيَّةٌ عَلى جُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ، وقَرَأ ابْنُ الزُّبَيْرِ وأبانُ بْنُ عُثْمانَ وابْنُ أبِي عَبْلَةَ: والظّالِمُونَ. عَطَفَ جُمْلَةً اسْمِيَّةً عَلى فِعْلِيَّةٍ، وهو جائِزٌ حَسَنٌ، وقَرَأ عَبْدُ اللَّهِ: ولِلظّالِمِينَ بِلامِ الجَرِّ، وهو مُتَعَلِّقٌ بِأعَدَّ لَهم تَوْكِيدًا، ولا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مِن بابِ الِاشْتِغالِ، ويُقَدَّرُ فِعْلٌ يُفَسِّرُهُ الفِعْلُ الَّذِي بَعْدَهُ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: وأعَدَّ لِلظّالِمِينَ أعَدَّ لَهم، وهَذا مَذْهَبُ الجُمْهُورِ، وفِيهِ خِلافٌ ضَعِيفٌ مَذْكُورٌ في النَّحْوِ، فَتَقُولُ: بِزَيْدٍ مَرَرْتُ بِهِ، ويَكُونُ التَّقْدِيرُ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ مَرَرْتُ بِهِ، ويَكُونُ مِن بابِ الِاشْتِغالِ، والمَحْفُوظُ المَعْرُوفُ عَنِ العَرَبِ نَصْبُ الِاسْمِ وتَفْسِيرُ مَرَرْتُ المُتَأخِّرِ، وما أشْبَهَهُ مِن جِهَةِ المَعْنى فِعْلًا ماضِيًا.

Tafsir Resource

QUL supports exporting tafsir content in both JSON and SQLite formats. Tafsir text may include <html> tags for formatting such as <b>, <i>, etc.

Example JSON Format:

{
  "2:3": {
    "text": "tafisr text.",
    "ayah_keys": ["2:3", "2:4"]
  },
  "2:4": "2:3"
}
  • Keys in the JSON are "ayah_key" in "surah:ayah", e.g. "2:3" means 3rd ayah of Surah Al-Baqarah.
  • The value of ayah key can either be:
    • an object — this is the main tafsir group. It includes:
      • text: the tafsir content (can include HTML)
      • ayah_keys: an array of ayah keys this tafsir applies to
    • a string — this indicates the tafsir is part of a group. The string points to the ayah_key where the tafsir text can be found.

SQLite exports includes the following columns

  • ayah_key: the ayah for which this record applies.
  • group_ayah_key: the ayah key that contains the main tafsir text (used for shared tafsir).
  • from_ayah / to_ayah: start and end ayah keys for convenience (optional).
  • ayah_keys: comma-separated list of all ayah keys that this tafsir covers.
  • text: tafsir text. If blank, use the text from the group_ayah_key.