Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ إنّا لا نُضِيعُ أجْرَ مَن أحْسَنَ عَمَلًا﴾ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا مُراعًى فِيهِ حالُ السّامِعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَإنَّهم حِينَ يَسْمَعُونَ ما أُعِدَّ لِلْمُشْرِكِينَ تَتَشَوَّفُ نُفُوسُهم إلى مَعْرِفَةِ ما أُعِدَّ لِلَّذِينَ
صفحة ٣١٠
آمَنُوا ونَبَذُوا الشِّرْكَ فَأُعْلِمُوا أنَّ عَمَلَهم مَرْعِيٌّ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وجَرْيًا عَلى عادَةِ القُرْآنِ في تَعْقِيبِ الوَعِيدِ بِالوَعْدِ، والتَّرْهِيبِ بِالتَّرْغِيبِ.وافْتِتاحُ الجُمْلَةِ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ (إنَّ)؛ لِتَحْقِيقِ مَضْمُونِها، وإعادَةُ حَرْفِ (إنَّ) في الجُمْلَةِ المُخْبَرِ بِها عَنِ المُبْتَدَأِ الواقِعِ في الجُمْلَةِ الأُولى؛ لِمَزِيدِ العِنايَةِ والتَّحْقِيقِ كَقَوْلِهِ تَعالى في سُورَةِ الحَجِّ ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هادُوا والصّابِئِينَ والنَّصارى والمَجُوسَ والَّذِينَ أشْرَكُوا إنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهم يَوْمَ القِيامَةِ﴾ [الحج: ١٧] وقَوْلِهِ تَعالى ﴿قُلْ إنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنهُ فَإنَّهُ مُلاقِيكُمْ﴾ [الجمعة: ٨] ومِثْلُهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
إنَّ الخَلِيفَةَ إنَّ اللَّهَ سَرْبَلَهُ سِرْبالَ مُلْكٍ بِهِ تُزْجى الخَواتِيمُ
ومَوْقِعُ (إنَّ) الثّانِيَةِ في هَذِهِ الآيَةِ أبْلَغُ مِنهُ في بَيْتِ جَرِيرٍ؛ لِأنَّ الجُمْلَةَ الَّتِي وقَعَتْ فِيها في هَذِهِ الآيَةِ لَها اسْتِقْلالٌ بِمَضْمُونِها مِن حَيْثُ هي مُفِيدَةٌ حُكْمًا يَعُمُّ ما وقَعَتْ خَبَرًا عَنْهُ وغَيْرَهُ مِن كُلِّ مَن يُماثِلُ الخَبَرَ عَنْهم في عَمَلِهِمْ، فَذَلِكَ العُمُومُ في ذاتِهِ حُكْمٌ جَدِيرٌ بِالتَّأْكِيدِ؛ لِتَحْقِيقِ حُصُولِهِ لِأرْبابِهِ بِحَرْفِ بَيْتِ جَرِيرٍ.وأمّا آيَةُ سُورَةِ الحَجِّ فَقَدِ اقْتَضى طُولُ الفَصْلِ حَرْفَ التَّأْكِيدِ؛ حِرْصًا عَلى إفادَةِ التَّأْكِيدِ.
والإضاعَةُ: جَعْلُ الشَّيْءِ ضائِعًا، وحَقِيقَةُ الضَّيْعَةِ: تَلَفُ الشَّيْءِ مِن مَظِنَّةِ وجُودِهِ، وتُطْلَقُ مَجازًا عَلى انْعِدامِ الِانْتِفاعِ بِشَيْءٍ مَوْجُودٍ، فَكَأنَّهُ قَدْ ضاعَ وتَلِفَ، قالَ تَعالى ﴿أنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنكُمْ﴾ [آل عمران: ١٩٥] في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ، وقالَ ﴿وما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمانَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤٣] في البَقَرَةِ، ويُطْلَقُ عَلى مَنعِ التَّمْكِينِ مِن شَيْءٍ، والِانْتِفاعِ بِهِ تَشْبِيهًا لِلْمَمْنُوعِ بِالضّائِعِ في اليَأْسِ مِنَ التَّمَكُّنِ مِنهُ كَما في هَذِهِ الآيَةِ، أيْ إنّا لا نَحْرِمُ مَن أحْسَنَ عَمَلًا أجْرَ عَمَلِهِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أجْرَ المُحْسِنِينَ﴾ [التوبة: ١٢٠] .