﴿الم﴾ .

لَمّا كانَ أوَّلُ أغْراضِ هَذِهِ السُّورَةِ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، هو قَضِيَّةٌ مُجادَلَةِ نَصارى نَجْرانَ حِينَ وفَدُوا إلى المَدِينَةِ، وبَيانُ فَضْلِ الإسْلامِ عَلى النَّصْرانِيَّةِ، لا جَرَمَ افْتُتِحَتْ بِحُرُوفِ التَّهَجِّي، المَرْمُوزِ بِها إلى تَحَدِّي المُكَذِّبِينَ بِهَذا الكِتابِ، وكانَ الحَظُّ الأوْفَرُ مِنَ التَّكْذِيبِ بِالقُرْآنِ لِلْمُشْرِكِينَ مِنهم، ثُمَّ لِلنَّصارى مِنَ العَرَبِ؛ لِأنَّ اليَهُودَ الَّذِينَ سَكَنُوا بِلادَ العَرَبِ فَتَكَلَّمُوا بِلِسانِهِمْ لَمْ يَكُونُوا مَعْدُودِينَ مِن أهْلِ اللِّسانِ، ويَنْدُرُ فِيهِمُ البُلَغاءُ بِالعَرَبِيَّةِ مِثْلُ السَّمَوْألِ، وهَذا وما بَعْدَهُ إلى قَوْلِهِ ﴿إنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ ونُوحًا﴾ [آل عمران: ٣٣] تَمْهِيدٌ لِما نَزَلَتِ السُّورَةُ بِسَبَبِهِ، وبَراعَةُ اسْتِهْلالٍ لِذَلِكَ.

وتَقَدَّمَ القَوْلُ في مَعانِي (الم) أوَّلَ البَقَرَةِ.