﴿قُلْ أطِيعُوا اللَّهَ والرَّسُولَ فَإنْ تَوَلَّوْا فَإنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الكافِرِينَ﴾ عَوْدٌ إلى المَوْعِظَةِ بِطَرِيقِ الإجْمالِ البَحْتِ فَذْلَكَةً لِلْكَلامِ، وحِرْصًا عَلى الإجابَةِ، فابْتَدَأ المَوْعِظَةَ أوَّلًا بِمُقَدِّمَةٍ وهي قَوْلُهُ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهم أمْوالُهم ولا أوْلادُهم مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ١٠] ثُمَّ شَرَعَ في المَوْعِظَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ﴾ [آل عمران: ١٢] الآيَةَ

صفحة ٢٢٩

وهُوَ تَرْهِيبٌ، ثُمَّ بِذِكْرِ مُقابِلِهِ في التَّرْغِيبِ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ أؤُنَبِّئُكم بِخَيْرٍ مِن ذَلِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٥] الآيَةَ، ثُمَّ بِتَأْيِيدِ ما عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ بِقَوْلِهِ: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أنَّهُ لا إلَهَ إلّا هُوَ﴾ [آل عمران: ١٨] الآيَةَ، وفي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ كَثِيرٌ. ثُمَّ جاءَ بِطَرِيقِ المُجادَلَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَإنْ حاجُّوكَ﴾ [آل عمران: ٢٠] الآيَةَ، ثُمَّ بِتَرْهِيبٍ بِغَيْرِ اسْتِدْلالٍ صَرِيحٍ ولَكِنْ بِالإيماءِ إلى الدَّلِيلِ وذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ويَقْتُلُونَ النَّبِيئِينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ [آل عمران: ٢١] ثُمَّ بِطَرِيقِ التَّهْدِيدِ والإنْذارِ التَّعْرِيضِيِّ بِقَوْلِهِ: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ المُلْكِ﴾ [آل عمران: ٢٦] الآياتِ. ثُمَّ أمَرَ بِالقَطِيعَةِ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكافِرِينَ أوْلِياءَ﴾ [آل عمران: ٢٨] . ثُمَّ انْتَقَلَ إلى طَرِيقَةِ التَّرْغِيبِ في قَوْلِهِ: ﴿قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ﴾ [آل عمران: ٣١] إلى قَوْلِهِ: ﴿الكافِرِينَ﴾ وخَتَمَ بِذِكْرِ عَدَمِ مَحَبَّةِ الكافِرِينَ رَدًّا لِلْعَجُزِ عَلى الصَّدْرِ المُتَقَدِّمِ في قَوْلِهِ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهم أمْوالُهُمْ﴾ [آل عمران: ١٠] الآيَةَ، لِيَكُونَ نَفْيُ المَحَبَّةِ عَنْ جَمِيعِ الكافِرِينَ، نَفْيًا عَنْ هَؤُلاءِ الكافِرِينَ المُعَيَّنِينَ.