﴿إلى اللَّهِ مَرْجِعُكم وهْوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾

جُمْلَةٌ في مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِمْ، فَلِذَلِكَ فُصِلَتْ. والمَعْنى: أنَّكم صائِرُونَ إلى اللَّهِ، أيْ إلى قُدْرَتِهِ غَيْرَ مُنْفَلِتِينَ مِنهُ فَهو مُجازِيكم عَلى تَوَلِّيكم عَنْ أمْرِهِ.

فالمَرْجِعُ: مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ بِمَعْنى الرُّجُوعِ. وهو مُسْتَعْمَلٌ كِنايَةً عَنْ لازِمِهِ العُرْفِيِّ وهو عَدَمُ الِانْفِلاتِ وإنْ طالَ الزَّمَنُ، وذَلِكَ شامِلٌ لِلرُّجُوعِ بَعْدَ المَوْتِ. ولَيْسَ المُرادُ إيّاهُ خاصَّةً لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ أنْسَبُ بِالمَصِيرِ الدُّنْيَوِيِّ لِأنَّهُ المُسَلَّمُ عِنْدَهم، وأمّا المَصِيرُ الأُخْرَوِيُّ فَلَوِ اعْتَرَفُوا بِهِ لَما كانَ هُنالِكَ قَوِيٌّ مُقْتَضٍ لِزِيادَةٍ ﴿وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾

وتَقْدِيمُ المَجْرُورِ عَلى عامِلِهِ لِلِاهْتِمامِ والتَّقَوِّي، ولَيْسَ المُرادُ مِنهُ الحَصْرُ إذْ هم لا يَحْسَبُونَ أنَّهم مُرْجَعُونَ بَعْدَ المَوْتِ بَلْهَ أنْ يَرْجِعُوا إلى غَيْرِهِ.

صفحة ٣٢٠

وجُمْلَةُ ﴿وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿إلى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ﴾، أيْ فَما ظَنُّكم بِرُجُوعِكم إلى القادِرِ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وقَدْ عَصَيْتُمْ أمْرَهُ ألَيْسَ يُعَذِّبُكم عَذابًا كَبِيرًا.