Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ما يَأْتِيهِمْ مِن ذِكْرٍ مِن رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إلّا اسْتَمَعُوهُ وهم يَلْعَبُونَ﴾ ﴿لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٣]
جُمْلَةٌ مُبَيِّنَةٌ لِجُمْلَةِ ﴿وهم في غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: ١] لِبَيانِ تَمَكُّنِ الغَفْلَةِ مِنهم وإعْراضِهِمْ، بِأنَّهم إذا سَمِعُوا في القُرْآنِ تَذْكِيرًا لَهم بِالنَّظَرِ والِاسْتِدْلالِ اشْتَغَلُوا عَنْهُ بِاللَّعِبِ واللَّهْوِ فَلَمْ يَفْقَهُوا مَعانِيَهُ وكانَ حَظُّهم مِنهُ سَماعَ ألْفاظِهِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إلّا دُعاءً ونِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهم لا يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة: ١٧١] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
والذِّكْرُ: القُرْآنُ، أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الذِّكْرِ الَّذِي هو مَصْدَرٌ لِإفادَةِ قُوَّةِ وصْفِهِ بِالتَّذْكِيرِ.
والمُحْدَثُ: الجَدِيدُ، أيِ الجَدِيدُ نُزُولُهُ مُتَكَرِّرًا، وهو كِنايَةٌ عَنْ عَدَمِ انْتِفاعِهِمْ بِالذِّكْرِ كُلَّما جاءَهم، بِحَيْثُ لا يَزالُونَ بِحاجَةٍ إلى إعادَةِ التَّذْكِيرِ وإحْداثِهِ مَعَ قَطْعِ مَعْذِرَتِهِمْ؛ لِأنَّهُ لَوْ كانُوا سَمِعُوا ذِكْرًا واحِدًا فَلَمْ يَعْبَئُوا بِهِ لانْتَحَلُوا لِأنْفُسِهِمْ عُذْرًا كانُوا ساعَتَئِذٍ في غَفْلَةٍ. فَلَمّا تَكَرَّرَ حَدَثانُ إتْيانِهِ تَبَيَّنَ لِكُلِّ مُنْصِفٍ أنَّهم مُعْرِضُونَ عَنْهُ صَدًّا. ونَظِيرُ هَذا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وما يَأْتِيهِمْ مِن ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إلّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾ [الشعراء: ٥] في سُورَةِ الشُّعَراءِ، ولَيْسَ المُرادُ بِـ ”مُحَدَثٍ“ ما قابَلَ القَدِيمَ في اصْطِلاحِ عِلْمِ الكَلامِ؛ لِعَدَمِ مُناسَبَتِهِ لِسِياقِ النَّظْمِ.
صفحة ١٢
ومَسْألَةُ صِفَةِ كَلامِ اللَّهِ تَعالى تَقَدَّمَ الخَوْضُ فِيها عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤] في سُورَةِ النِّساءِ. وجُمْلَةُ ”اسْتَمَعُوهُ“ حالٌ مِن ضَمِيرِ النَّصْبِ في ”يَأْتِيهِمْ“، وهَذا الحالُ مُسْتَثْنى مِن عُمُومِ أحْوالٍ أيْ ما يَأْتِيهِمْ ذِكْرٌ في حالٍ إلّا في حالِ اسْتِماعِهِمْ. وجُمْلَةُ ”وهم يَلْعَبُونَ“ حالٌ لازِمَةٌ مِن ضَمِيرِ الرَّفْعِ في ”اسْتَمَعُوهُ“ مُقَيِّدَةٌ لِجُمْلَةِ ”اسْتَمَعُوهُ“؛ لِأنَّ جُمْلَةَ ”اسْتَمَعُوهُ“ حالٌ بِاعْتِبارِ أنَّها مُقَيَّدَةٌ بِحالٍ أُخْرى هي المَقْصُودَةُ مِنَ التَّقْيِيدِ، وإلّا لَصارَ الكَلامُ ثَناءً عَلَيْهِمْ. وفائِدَةُ هَذا التَّرْتِيبِ بَيْنَ الجُمْلَتَيْنِ الحالِيَّتَيْنِ الزِّيادَةُ لِقَطْعِ مَعْذِرَتِهِمُ المُسْتَفادِ مِن قَوْلِهِ: ”مُحْدَثٍ“ كَما عَلِمْتَ.و﴿لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٣] حالٌ مِنَ المُبْتَدَأِ في جُمْلَةِ ﴿وهم يَلْعَبُونَ﴾ وهي احْتِراسٌ لِجُمْلَةِ ”اسْتَمَعُوهُ“ أيِ اسْتِماعًا لا وعْيَ مَعَهُ.