صفحة ٢٤٧

﴿وإلى مَدْيَنَ أخاهم شُعَيْبًا فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وارْجُوا اليَوْمَ الآخِرَ ولا تَعْثَوْا في الأرْضِ مُفْسِدِينَ﴾

عَطْفٌ عَلى ولُوطًا المَعْطُوفِ عَلى نُوحًا المَعْمُولِ لِـ أرْسَلْنا. فالتَّقْدِيرُ: وأرْسَلْنا إلى مَدْيَنَ أخاهم شُعَيْبًا.

والمُناسَبَةُ في الِانْتِقالِ مِن قِصَّةِ لُوطٍ وقَوْمِهِ إلى قِصَّةِ مَدْيَنَ ورَسُولِهِمْ أنَّ مَدْيَنَ كانَ مِن أبْناءِ إبْراهِيمَ، وأنَّ اللَّهَ أنْجاهُ مِنَ العَذابِ كَما أنْجى لُوطًا.

وتَقْدِيمُ المَجْرُورِ في قَوْلِهِ: إلى مَدْيَنَ لِيَتَأتّى الإيجازُ في وصْفِ شُعَيْبٍ بِأنَّهُ أخُوهم؛ لِأنَّ هَذا الوَصْفَ غَيْرُ مَوْجُودٍ في نُوحٍ وإبْراهِيمَ ولُوطٍ. وتَقَدَّمَ مَعْنى كَوْنِهِ أخًا لَهم في سُورَةِ هُودٍ.

وقَوْلُهُ: فَقالَ عَطْفٌ عَلى الفِعْلِ المُقَدَّرِ، أيْ أرْسَلْناهُ فَعُقِّبَ إرْسالُهُ بِأنْ قالَ.

والرَّجاءُ: التَّرَقُّبُ واعْتِقادُ الوُقُوعِ في المُسْتَقْبَلِ. وأمْرُهُ إيّاهم بِتَرَقُّبِ اليَوْمِ الآخِرِ دَلَّ عَلى أنَّهم كانُوا لا يُؤْمِنُونَ بِالبَعْثِ، وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى نَظِيرِ قَوْلِهِ: ﴿ولا تَعْثَوْا في الأرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿كُلُوا واشْرَبُوا مِن رِزْقِ اللَّهِ ولا تَعْثَوْا في الأرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: ٦٠] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وتَقَدَّمَتْ قِصَّةُ شُعَيْبٍ في سُورَةِ هُودٍ.