Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ولَقَدْ أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إلى قَوْمِهِمْ فَجاءُوهم بِالبَيِّناتِ فانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أجْرَمُوا وكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ﴾
هَذِهِ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ مُسْتَطَرَدَةٌ آثارُها ذِكْرُ سَيْرِ الفُلْكِ في عِدادِ النِّعَمِ فَعُقِبَ ذَلِكَ بِما كانَ سَيْرُ الفُلْكِ فِيهِ تَذْكِيرٌ بِنِقْمَةِ الطُّوفانِ لِقَوْمِ نُوحٍ وبِجَعْلِ اللَّهِ الفُلْكَ لِنَجاةِ نُوحٍ وصالِحِي قَوْمِهِ مِن نِقْمَةِ الطُّوفانِ، فَأُرِيدَ تَحْذِيرُ المُكَذِّبِينَ مِن قُرَيْشٍ أنْ يُصِيبَهم ما أصابَ المُكَذِّبِينَ قَبْلَهم، وكانَ في تِلْكَ النِّقْمَةِ نَصْرُ المُؤْمِنِينَ، أيْ نَصْرُ الرُّسُلِ وأتْباعِهِمْ؛ ألا تَرى إلى حِكايَةِ قَوْلِ نُوحٍ ﴿رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ﴾ [المؤمنون: ٢٦] في سُورَةِ المُؤْمِنِينَ، وقَوْلِهِ تَعالى هُنا ﴿وكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ﴾ .
والواوُ اعْتِراضِيَّةٌ ولَيْسَتْ لِلْعَطْفِ.
والِانْتِقامُ: افْتِعالٌ مِنَ النَّقْمِ وهو الكَراهِيَةُ والغَضَبُ، وفِعْلُهُ كَضَرَبَ وعَلَمَ قالَ تَعالى ﴿وما تَنْقِمُ مِنّا﴾ [الأعراف: ١٢٦] . وفي المَثَلِ (مَثَلُهُ كَمَثَلِ الأرْقَمِ إنْ يُقْتَلْ يَنْقَمْ - بِفَتْحِ القافِ - وإنْ يُتْرَكْ يَلْقَمْ) . والِانْتِقامُ: العُقُوبَةُ لِمَن يَفْعَلُ ما لا يُرْضِي كَأنَّهُ صِيغَ مِنهُ الِافْتِعالُ لِلدَّلالَةِ عَلى حُصُولِ أثَرِ النَّقْمِ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى وما تَنْقِمُ مِنّا وقَوْلِهِ ﴿فانْتَقَمْنا مِنهُمْ﴾ [الأعراف: ١٣٦] في سُورَةِ الأعْرافِ.
وكَلِمَةُ ﴿حَقًّا عَلَيْنا﴾ مِن صِيَغِ الِالتِزامِ، قالَ تَعالى حِكايَةً عَنْ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ (﴿حَقِيقٌ عَلى أنْ لا أقُولَ عَلى اللَّهِ إلّا الحَقَّ﴾ [الأعراف: ١٠٥])، وهو مَحْقُوقٌ بِكَذا، أيْ لازِمٌ لَهُ، قالَ الأعْشى:
صفحة ١٢٠
لَمَحْقُوقَهٌ أنْ تَسْتَجِيبِي لِصَوْتِهِ فَإنَّ وعْدَ الصّادِقِ حَقٌّ
. قالَ تَعالى ﴿وعْدًا عَلَيْنا إنّا كُنّا فاعِلِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٤] .وقَدِ اخْتَصَرَ طَرِيقَ الإفْصاحِ عَنْ هَذا الغَرَضِ أعْنِي غَرَضِ الوَعْدِ بِالنَّصْرِ والوَعِيدِ لَهُ فَأُدْرِجَ تَحْتَ ذِكْرِ النَّصْرِ مَعْنى الِانْتِصارِ، وأُدْرِجَ ذِكْرُ الفَرِيقَيْنِ: فَرِيقُ المُصَدِّقِينَ المَوْعُودُ، وفَرِيقُ المُكَذِّبِينَ المُتَوَعَّدُ، وقَدْ أُخْلِيَ الكَلامُ أوَّلًا عَنْ ذِكْرِهِما.
وعَنْ أبِي بَكْرٍ شُعْبَةَ راوِي عاصِمٍ أنَّهُ كانَ يَقِفُ عَلى قَوْلِهِ حَقًّا فَيَكُونُ في ”كانَ“ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلى الِانْتِقامِ، أيْ وكانَ الِانْتِقامُ مِنَ المُجْرِمِينَ حَقًّا، أيْ عَدْلًا، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ بِقَوْلِهِ ﴿عَلَيْنا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ﴾ وكَأنَّهُ أرادَ التَّخَلُّصَ مِن إيهامِ أنْ يَكُونَ لِلْعِبادِ حَقٌّ عَلى اللَّهِ إيجابًا فِرارًا مِن مَذْهَبِ الِاعْتِزالِ وهو غَيْرُ لازِمٍ كَما عَلِمْتَ. قالَ ابْنُ عَطِيَّةٍ: وهو وقْفٌ ضَعِيفٌ، وكَذَلِكَ قالَ الكَواشِيُّ عَنْ أبِي حاتِمٍ.