﴿لَقَدْ حَقَّ القَوْلُ عَلى أكْثَرِهِمْ فَهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ هَذا تَفْصِيلٌ لِحالِ القَوْمِ الَّذِينَ أُرْسِلَ مُحَمَّدٌ ﷺ لِيُنْذِرَهم، فَهم قِسْمانِ: قِسْمٌ لَمْ تَنْفَعْ فِيهِ النِّذارَةُ، وقِسْمٌ اتَّبَعُوا الذِّكْرَ وخافُوا اللَّهَ فانْتَفَعُوا بِالنِّذارَةِ. وبَيَّنَ أنَّ أكْثَرَ القَوْمِ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ العَذابِ، أيْ عَلِمَ اللَّهُ أنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِما جَبَلَ عَلَيْهِ

صفحة ٣٤٩

عُقُولَهم مِنَ النُّفُورِ عَنِ الخَيْرِ، فَحَقَّقَ في عِلْمِهِ وكَتَبَ أنَّهم لا يُؤْمِنُونَ، فالفاءُ لِتَفْرِيعِ انْتِفاءِ إيمانِ أكْثَرِهِمْ عَلى القَوْلِ الَّذِي حَقَّ عَلى أكْثَرِهِمْ.

وحَقَّ: بِمَعْنى ثَبَتَ ووَقَعَ فَلا يَقْبَلُ نَقْضًا. والقَوْلُ: مَصْدَرٌ أُرِيدَ بِهِ ما أرادَهُ اللَّهُ تَعالى بِهِمْ فَهو قَوْلٌ مِن قَبِيلِ الكَلامِ النَّفْسِيِّ، أوْ مِمّا أوْحى اللَّهُ بِهِ إلى رُسُلِهِ.

والتَّعْرِيفُ في القَوْلِ تَعْرِيفُ الجِنْسِ، والمَقُولُ مَحْذُوفٌ لِدَلالَةِ تَفْرِيعِهِ عَلَيْهِ.

والتَّقْدِيرُ: لَقَدْ حَقَّ القَوْلُ، أيِ: القَوْلُ النَّفْسِيُّ وهو المَكْتُوبُ في عِلْمِهِ تَعالى أنَّهم لا يُؤْمِنُونَ.