Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿وإنْ كُلٌّ لَما جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ﴾ أرى أنَّ عَطْفَهُ عَلى جُمْلَةِ (﴿أنَّهم إلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ [يس: ٣١]) واقِعٌ مَوْقِعَ الِاحْتِراسِ مِن تَوَهُّمِ المُخاطَبِينَ بِالقُرْآنِ أنَّ قَوْلَهُ ﴿أنَّهم إلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ﴾ [يس: ٣١] مُؤَيِّدٌ اعْتِقادَهُمُ انْتِفاءَ البَعْثِ.
و(أنْ) يَجُوزُ أنْ تَكُونَ مُخَفَّفَةً مِنَ الثَّقِيلَةِ والأفْصَحُ إهْمالُها عَنِ العَمَلِ فِيما بَعْدَها، والأكْثَرُ أنْ يَقْتَرِنَ خَبَرُ الِاسْمِ بِلامٍ تُسَمّى اللّامَ الفارِقَةَ لِأنَّها تُفَرِّقُ بَيْنَ (إنِ) المُخَفَّفَةِ مِنَ الثَّقِيلَةِ وبَيْنَ (إنِ) النّافِيَةِ لِئَلّا يَلْتَبِسَ الخَبَرُ المُؤَكَّدُ بِالخَبَرِ المَنفِيِّ فَيُناقِضَ مَقْصِدَ المُتَكَلِّمِ، وعَلى هَذا الوَجْهِ يَكُونُ قَوْلُهُ ”لَما“ مُخَفَّفُ المِيمِ كَما قَرَأ الجُمْهُورُ (لَما جَمِيعٌ)، فَهي مُرَكَّبَةٌ مِنَ اللّامِ الفارِقَةِ وما الزّائِدَةِ لِلتَّأْكِيدِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ (إنْ) نافِيَةً بِمَعْنى ”لا“ ويَكُونُ (لَمّا) بِتَشْدِيدِ المِيمِ عَلى أنَّها حَرْفُ اسْتِثْناءٍ بِمَعْنى ”إلّا“ تَقَعُ بَعْدَ النَّفْيِ ونَحْوِهِ كالقَسَمِ. وكَذَلِكَ قَرَأ ابْنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ وأبُو جَعْفَرٍ. والتَّقْدِيرُ: وما كُلُّهم إلّا مُحْضَرُونَ لَدَيْنا.
و”كُلٌّ“ مُبْتَدَأٌ وتَنْوِينُهُ تَنْوِينُ العِوَضِ عَمّا أُضِيفَ إلَيْهِ (كُلٌّ)، أيْ: كُلُّ القُرُونِ، أوْ كُلُّ المَذْكُورِينَ مِنَ القُرُونِ والمُخاطَبِينَ.
و”جَمِيعٌ“ اسْمٌ عَلى وزْنِ فَعِيلٍ، أيْ مَجْمُوعٌ، وهو ضِدُّ المُتَفَرِّقِ. يُقالُ: جَمْعُ أشْياءَ كَذا، إذا جَعَلَها مُتَقارِبَةً مُتَّصِلَةً بَعْدَ أنْ كانَتْ مُشَتَّتَةً ومُتَباعِدَةً.
والمَعْنى: أنَّ كُلَّ القُرُونِ مُحْضَرُونَ لَدَيْنا مُجْتَمِعِينَ، أيْ لَيْسَ إحْضارُهم في أوْقاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ولا في أمْكِنَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ؛ فَكَلِمَةُ (كُلٌّ) أفادَتْ أنَّ الإحْضارَ مُحِيطٌ بِهِمْ بِحَيْثُ لا يَنْفَلِتُ فَرِيقٌ مِنهم، وكَلِمَةُ (جَمِيعٌ) أفادَتْ أنَّهم مُحْضَرُونَ مُجْتَمِعِينَ فَلَيْسَتْ إحْدى الكَلِمَتَيْنِ بِمُغْنِيَّةٍ عَنْ ذِكْرِ الأُخْرى، ألا تَرى أنَّهُ لَوْ قِيلَ: وإنَّ أكْثَرَهم لَمّا
صفحة ١٢
جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ، لَمّا كانَ تَنافٍ بَيْنَ أكْثَرِهِمْ وبَيْنَ جَمِيعِهِمْ؛ أيْ أكْثَرُهم يَحْضُرُ مُجْتَمِعِينَ؛ فارْتَفَعَ (جَمِيعٌ) عَلى الخَبَرِيَّةِ في قِراءَةِ تَخْفِيفِ ”لَمّا“ وعَلى الِاسْتِثْناءِ عَلى قِراءَةِ تَشْدِيدِ ”لَمّا“ .و”مُحْضَرُونَ“ نَعَتٌ لِـ (جَمِيعٌ) عَلى القِراءَتَيْنِ. ورُوعِيَ في النَّعْتِ مَعْنى المَنعُوتِ فَأُلْحِقَتْ بِهِ عَلامَةُ الجَماعَةِ، كَقَوْلِلَبِيَدٍ:
عَرِيَتْ وكانَ بِها الجَمِيعُ فَأبْكَرُوا مِنها وغُودِرَ نُؤْيُها وثُمامُها
والإحْضارُ: الإحْضارُ لِلْحِسابِ والجَزاءِ والعِقابِ.