Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
( ﴿يَوْمَ يَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وتَقُولُ هَلْ مِن مَزِيدٍ﴾ (
ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِـ ﴿قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ﴾ [ق: ٢٨] . والتَّقْدِيرُ: قالَ لَهم في ذَلِكَ القَوْلِ يَوْمَ يَقُولُ قَوْلًا آخَرَ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ. ومُناسَبَةُ تَعْلِيقِهِ بِهِ أنَّ هَذا القَوْلَ لِجَهَنَّمَ مَقْصُودٌ بِهِ تَرْوِيعُ المَدْفُوعِينَ إلى جَهَنَّمَ أنْ لا يَطْمَعُوا في أنَّ كَثْرَتَهم يَضِيقُ بِها سَعَةُ جَهَنَّمَ فَيَطْمَعُ بَعْضُهم أنْ يَكُونَ مِمَّنْ لا يُوجَدُ لَهُ مَكانٌ فِيها، فَحَكاهُ اللَّهُ في القُرْآنِ عِبْرَةً لِمَن يَسْمَعُهُ مِنَ المُشْرِكِينَ وتَعْلِيمًا لِأهْلِ القُرْآنِ المُؤْمِنِينَ ولِذَلِكَ اسْتَوَتْ قِراءَةُ (يَقُولُ) بِالياءِ، وهي لِنافِعٍ وأبِي بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ جَرْيًا عَلى مُقْتَضى ظاهِرِ ما سَبَقَهُ مِن قَوْلِهِ: ﴿قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ﴾ [ق: ٢٨] . وقِراءَةُ الباقِينَ بِالنُّونِ عَلى الِالتِفاتِ بَلْ هو التِفاتٌ تابِعٌ لِتَبْدِيلِ طَرِيقِ الإخْبارِ مِنَ الحَدِيثِ عَنْ غائِبٍ إلى خِطابِ حاضِرٍ.
والقَوْلُ الأوَّلُ حَقِيقِيٌّ وهو كَلامٌ يَصْدُرُ مِن جانِبِ اللَّهِ بِمَحْضِ خَلْقِهِ دُونَ واسِطَةٍ. فَلِذَلِكَ أُسْنِدَ إلى اللَّهِ كَما يُقالُ القُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ.
والِاسْتِفْهامُ في ”هَلِ امْتَلَأْتِ“ مُسْتَعْمَلٌ في تَنْبِيهِ أهْلِ العَذابِ إلى هَذا السُّؤالِ عَلى وجْهِ التَّعْرِيضِ.
وأمّا القَوْلُ لِجَهَنَّمَ فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ حَقِيقَةً بِأنْ يَخْلُقَ اللَّهُ في أصْواتِ لَهِيبِها أصْواتًا ذاتَ حُرُوفٍ يَلْتَئِمُ مِنها كَلامٌ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَجازًا عَنْ دَلالَةِ حالِها عَلى أنَّها
صفحة ٣١٨
تَسَعُ ما يُلْقى فِيها مِن أهْلِ العَذابِ بِأنْ يُكْشَفَ باطِنُها لِلْمَعْرُوضِينَ عَلَيْها حَتّى يَرَوْا سِعَتَها كَقَوْلِ الرّاجِزِ:امْتَلا الحَوْضُ وقالَ: قَطْنِي والِاسْتِفْهامُ في ﴿هَلْ مِن مَزِيدٍ﴾ مُسْتَعْمَلٌ لِلتَّشْوِيقِ والتَّمَنِّي.
وفِيهِ دَلالَةٌ عَلى أنَّ المَوْجُوداتِ مُشَوِّقَةٌ إلى الإيفاءِ بِما خُلِقَتْ لَهُ كَما قالَ الشَّيْطانُ رَبِّ بِما أغْوَيْتَنِي لَأقْعُدَنَّ لَهم صِراطَكَ المُسْتَقِيمَ. وفِيهِ دَلالَةٌ عَلى إظْهارِ الِامْتِثالِ لِما خَلَقَها اللَّهُ لِأجْلِهِ، ولِأنَّها لا تَتَلَكَّأُ ولا تَتَعَلَّلُ في أدائِهِ عَلى أكْمَلِ حالٍ في بابِهِ.
والمَزِيدُ: مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ، وهو الزِّيادَةُ مِثْلَ المَجِيدِ والحَمِيدِ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ اسْمَ مَفْعُولٍ مِن زادَ، أيْ هَلْ مِن جَماعَةٍ آخَرِينَ يُلْقَوْنَ فِيَّ.