﴿يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيماهم فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي والأقْدامِ﴾ .

هَذا اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ ناشِئٌ عَنْ قَوْلِهِ ﴿فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْألُ عَنْ ذَنْبِهِ إنْسٌ ولا جانٌّ﴾ [الرحمن: ٣٩]، أيْ يُسْتَغْنى عَنْ سُؤالِهِمْ بِظُهُورِ عَلاماتِهِمْ لِلْمَلائِكَةِ ويَعْرِفُونَهم بِسِيماهم فَيُؤْخَذُونَ أخْذَ عِقابٍ ويُساقُونَ إلى الجَزاءِ.

والسِّيما: العَلامَةُ. وتَقَدَّمَتْ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿تَعْرِفُهم بِسِيماهُمْ﴾ [البقرة: ٢٧٣] في آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ.

وال في ﴿بِالنَّواصِي والأقْدامِ﴾ عِوَضٌ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ، أيْ بِنَواصِيهِمْ وأقْدامِهِمْ وهو اسْتِعْمالٌ كَثِيرٌ في القُرْآنِ.

صفحة ٢٦٣

والنَّواصِي: جَمْعُ ناصِيَةٍ وهي الشَّعْرُ في مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ما مِن دابَّةٍ إلّا هو آخِذٌ بِناصِيَتِها﴾ [هود: ٥٦] في سُورَةِ هُودٍ.

والأخْذُ بِالنّاصِيَةِ أخْذٌ مُمْكِنٌ لا يُفْلِتُ مِنهُ، كَما قالَ تَعالى ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنّاصِيَةِ﴾ [العلق: ١٥] .

والأقْدامُ: جَمْعُ قَدَمٍ، وهو ظاهِرُ السّاقِ مِن حَيْثُ تُمْسِكُ اليَدُ رِجْلَ الهارِبِ فَلا يَسْتَطِيعُ انْفِلاتًا وفِيهِ أيْضًا يُوضَعُ القَيْدُ، قالَ النّابِغَةُ:

أوْ حُرَّةٌ كَمَهاةِ الرَّمْلِ قَدْ كُبِلَتْ فَوْقَ المَعاصِمِ مِنها والعَراقِيبِ