Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿أمَّنْ هَذا الَّذِي يَرْزُقُكم إنْ أمْسَكَ رِزْقَهُ﴾ انْتِقالٌ آخَرُ، والكَلامُ عَلى أُسْلُوبِ قَوْلِهِ ﴿أمْ مَن هَذا الَّذِي هو جُنْدٌ لَكُمْ﴾ [الملك: ٢٠]، وهَذا الكَلامُ ناظِرٌ إلى قَوْلِهِ ﴿وكُلُوا مِن رِزْقِهِ﴾ [الملك: ١٥] عَلى طَرِيقَةِ اللَّفِّ والنَّشْرِ المَعْكُوسِ.
والرِّزْقُ: ما يَنْتَفِعُ بِهِ النّاسُ، ويُطْلَقُ عَلى المَطَرِ، وعَلى الطَّعامِ، كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وجَدَ عِنْدَها رِزْقًا﴾ [آل عمران: ٣٧] .
وضَمِيرُ (أمْسَكَ) وضَمِيرُ (رِزْقَهُ) عائِدانِ إلى لَفْظِ (الرَّحْمانِ) الواقِعِ في قَوْلِهِ ﴿مِن دُونِ الرَّحْمَنِ﴾ [الملك: ٢٠] .
وجِيءَ بِالصِّلَةِ فِعْلًا مُضارِعًا لِدَلالَتِهِ عَلى التَّجَدُّدِ؛ لِأنَّ الرِّزْقَ يَقْتَضِي التِّكْرارَ؛ إذْ حاجَةُ البَشَرِ إلَيْهِ مُسْتَمِرَّةٌ. وكُتِبَ (أمَّنْ) في المُصْحَفِ بِصُورَةِ كَلِمَةٍ واحِدَةٍ كَما كُتِبَ نَظِيرَتُها المُتَقَدِّمَةُ آنِفًا.
* * *
﴿بَلْ لَجُّواْ في عُتُوٍّ ونُفُورٍ﴾ اسْتِئْنافٌ بَيانِيٌّ وقَعَ جَوابًا عَنْ سُؤالٍ ناشِئٍ عَنِ الدَّلائِلِ والقَوارِعِ والزَّواجِرِ والعِظاتِ والعِبَرِ المُتَقَدِّمَةِ ابْتِداءً مِن قَوْلِهِ ﴿الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ والحَياةَ﴾ [الملك: ٢] إلى هُنا، فَيَتَّجِهُ لِلسّائِلِ أنْ يَقُولَ: لَعَلَّهم نَفَعَتْ عِنْدَهم الآياتُ والنُّذُرُ، واعْتَبَرُواْ بِالآياتِ والعِبَرِ، فَأُجِيبَ بِإبْطالِ ظَنِّهِ بِأنَّهم لَجُّواْ في عُتُوٍّ ونُفُورٍ.صفحة ٤٤
و(بَلْ) لِلْاضْرابِ أوِ الإبْطالِ عَمّا تَضْمَّنَهُ الاسْتِفْهامانِ السّابِقانِ أوْ لِلْانْتِقالِ مِن غَرَضِ التَّعْجِيزِ إلى الإخْبارِ عَنْ عِنادِهِمْ.يُقالُ: لَجَّ في الخُصُومَةِ مِن بابِ سَمَّعَ، أيِ اشْتَدَّ في النِّزاعِ والخِصامِ، أيِ اسْتَمَرُّوا عَلى العِنادِ يَكْتَنِفُهُمُ العُتُوُّ والنُّفُورُ، أيْ لا يَتْرُكُ مَخْلَصًا لِلْحَقِّ إلَيْهِمْ، فالظَّرْفِيَّةُ مَجازِيَّةٌ، والعُتُوُّ: التَّكَبُّرُ والطُّغْيانُ.
والنُّفُورُ: هو الاشْمِئْزازُ مِنَ الشَّيْءِ والهُرُوبُ مِنهُ.
والمَعْنى: اشْتَدُّواْ في الخِصامِ مُتَلَبِّسٌ بِالكِبْرِ عَنِ اتِّباعِ الرَّسُولِ حِرْصًا عَلى بَقاءِ سِيادَتِهِمْ وبِالنُّفُورِ عَنِ الحَقِّ لِكَراهِيَةِ ما يُخالِفُ أهْواءَهم وما ألِفُوهُ مِنَ الباطِلِ.