﴿فاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ اعْتِراضٌ مُفَرَّعٌ: إمّا عَلى ما يُومِئُ إلَيْهِ (﴿سَألَ سائِلٌ﴾ [المعارج: ١]) مِن أنَّهُ سُؤالُ اسْتِهْزاءٍ، فَهَذا تَثْبِيتٌ لِلنَّبِيءِ ﷺ، وإمّا عَلى (﴿سَألَ سائِلٌ﴾ [المعارج: ١]) بِمَعْنى: دَعا داعٍ.

صفحة ١٥٨

فالفاءُ لِتَفْرِيعِ الأمْرِ بِالصَّبْرِ عَلى جُمْلَةِ (﴿سالَ سائِلٌ﴾ [المعارج: ١]) إذا كانَ ذَلِكَ السُّؤالُ بِمَعْنَيَيْهِ اسْتِهْزاءً وتَعْرِيضًا بِالتَّكْذِيبِ فَشَأْنُهُ أنْ لا تَصْبِرَ عَلَيْهِ النُّفُوسُ في العُرْفِ.

والصَّبْرُ الجَمِيلُ: الصَّبْرُ الحَسَنُ في نَوْعِهِ وهو الَّذِي لا يُخالِطُهُ شَيْءٌ مِمّا يُنافِي حَقِيقَةَ الصَّبْرِ، أيِ اصْبِرْ صَبْرًا مَحْضًا، فَإنَّ جَمالَ الحَقائِقِ الكامِلَةِ بِخُلُوصِها عَمّا يُعَكِّرُ مَعْناها مِن بَقايا أضْدادِها، وقَدْ مَضى قَوْلُهُ تَعالى عَنْ يَعْقُوبَ (﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ [يوسف: ١٨]) في سُورَةِ يُوسُفَ وسَيَجِيءُ قَوْلُهُ تَعالى ﴿واهْجُرْهم هَجْرًا جَمِيلًا﴾ [المزمل: ١٠] في المُزَّمِّلِ.