﴿وإنّا مِنّا المُسْلِمُونَ ومِنّا القاسِطُونَ﴾

قَرَأ الجُمْهُورُ وأبُو جَعْفَرٍ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وحَفْصٌ وخَلَفٌ بِفَتْحِها وهو مِن قَوْلِ الجِنِّ، وهو عَطْفٌ عَلى المَجْرُورِ بِالباءِ. والمَقْصُودُ بِالعَطْفِ قَوْلُهُ ﴿فَمَن أسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ وما قَبْلَهُ تَوْطِئَةٌ لَهُ أيْ: أصْبَحْنا بَعْدَ سَماعِ القُرْآنِ مِنّا المُسْلِمُونَ، أيْ: الَّذِينَ اتَّبَعُوا ما جاءَ بِهِ الإسْلامُ مِمّا يَلِيقُ بِحالِهِمْ ومِنّا القاسِطُونَ، أيْ: الكافِرُونَ المُعْرِضُونَ وهَذا تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِمْ (﴿وإنّا مِنّا الصّالِحُونَ ومِنّا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الجن: ١١])؛ لِأنَّ فِيهِ تَصْرِيحًا بِأنَّ دُونَ ذَلِكَ هو ضِدُّ الصَّلاحِ.

والظّاهِرُ أنَّ مِن مُنْتَهى ما حُكِيَ عَنِ الجِنِّ مِنَ المُدْرَكاتِ الَّتِي عُبِّرَ عَنْها بِالقَوْلِ وما عُطِفَ عَلَيْهِ.