صفحة ٣٠٦

﴿إنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيدًا﴾

يَجُوزُ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الجُمْلَةُ تَعْلِيلًا لِلرَّدْعِ والإبْطالِ، أيْ:؛ لِأنَّ شِدَّةَ مُعانَدَتِهِ لِآياتِنا كانَتْ كُفْرانًا لِلنِّعْمَةِ فَكانَتْ سَبَبًا لِقَطْعِها عَنْهُ إذْ قَدْ تَجاوَزَ حَدَّ الكُفْرِ إلى المُناواةِ والمُعانَدَةِ فَإنَّ الكافِرَ يَكُونُ مُنْعَمًا عَلَيْهِ عَلى المُخْتارِ، وهو قَوْلُ الماتُرِيدِيِّ والمُعْتَزِلَةِ خِلافًا لِلْأشْعَرِيِّ، واخْتارَ المُحَقِّقُونَ أنَّهُ خِلافٌ لَفْظِيٌّ.

ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ ويَكُونَ الوَقْفُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى (كَلّا) .

والعَنِيدُ: الشَّدِيدُ العِنادِ وهو المُخالَفَةُ لِلصَّوابِ وهو فَعِيلٌ مِن: عَنَدَ يَعْنِدُ كَضَرَبَ، إذا نازَعَ وجادَلَ الحَقَّ البَيِّنَ.

وعِنادُهُ: هو مُحاوَلَتُهُ الطَّعْنَ في القُرْآنِ وتُحِيلُهُ لِلتَّمْوِيهِ بِأنَّهُ سِحْرٌ، أوْ شِعْرٌ، أوْ كَلامُ كِهانَةٍ، مَعَ تَحَقُّقِهِ بِأنَّهُ لَيْسَ في شَيْءٍ مِن ذَلِكَ كَما أعْلَنَ بِهِ لِقُرَيْشٍ، قَبْلَ أنْ يَلُومَهُ أبُو جَهْلٍ ثُمَّ أخَذَهُ بِأحَدِ تِلْكَ الثَّلاثَةِ، وهو أنْ يَقُولَ: هو سِحْرٌ، تَشَبُّثًا بِأنَّ فِيهِ خَصائِصَ السِّحْرِ مِنَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ المَرْءِ ومَن هو شَدِيدُ الصِّلَةِ.