وقوله - تعالى - ( وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ ) بيان لما جبلوا عليه من إيثار الغى على الرشد ، والضلالة على الهداية .أى : ولو علم الله - تعالى - فى هؤلاء الصم والبكم ( خَيْراً ) أى : استعدادا للإِيمان ورغبة فيما يصلح نفوسهم وقلوبهم ( لأَسْمَعَهُمْ ) سماع تفهم وتدبر ، أى : لجعلهم سامعين للحق ، ومستجيبين له ، ولكنه - سبحانه - لم يعلم فيهم شيئا من ذلك ، فحجب خيره عنهم بسبب سوء استعدادهم .ولذا قال - تعالى - بعد ذلك : ( وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ ) أى : ولو أمسعهم سماع تفهم وتدبر ، وهم على هذه الحالة العارية من كل خير لتولوا عما سمعوه من الحق ( وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ ) عن قبوله جحودا وعنادا .قال الفخر الرازى : قوله - تعالى - : ( وَلَوْ عَلِمَ الله فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ ) أى : أن كل ما كان حاصلا ، فإنه يجب أن يعلمه الله ، فعدم علم الله بوجوده من لوازم عدمه ، فلا جرم حسن التعبير عن عدمه فى نفسه بعدم علم الله بوجوده ، وتقرير الكلام : لو حصل فيهم خير لأسمعهم الله الحجج والمواعظ سماع تعليم وتفهم ، ولو أسمعهم بعد أن علم أنه لا خير فيهم لم ينتفعوا به ، ولتولوا وهم معرضون .