ثم أمرهم - سبحانه - أمراً صريحاً قاطعاً بمقاتلة المشركين . ورتب على هذه المقاتلة خمسة أنواع من الفوائد فقال : ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ ) .أى : أقدموا على قتالهم وباشروهم بشجاعة وإخلاص كما أمركم ربكم ، فإنكم متى فعلتم ذلك ( يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ ) بسبب ما تنزلونه بهم من قتل وأسر وجراحات بليغة ، وإغتنام للأموال .وأسند - سبحانه - التعذيب إليه ، لأنه أمر زائد على أسبابه من الطعن والضرب وما يفضيان إليه من القتل والجرح . . والأسر . تلك هى الفائدة الأولى من قتالهم .أما الفائدتان الثانية والثالثة فتتجليان فى قوله . تعالى . ( وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ) .أى : ويخزهم بسبب ما ينزل بهم من هزيمة وهوان وهم يتفاخرون بقواتهم وبأسهم ، وينصركم عليهم بأن يجعل كلمتكم هى العليا وكلمتهم هى السفلى .قال الإِمام الرازى : فإن قالوا : لما كان حصول ذلك الخزى مستلزما لحصول هذا النصر ، كان إفراده بالذكر عبثاً؟فتقول : ليس الأمر كذلك ، لأنه من المحتمل أن يحصل الخزى لهم من جهة المؤمنين ، إلا أن المؤمنين قد تحصل لهم آفة لسبب آخر ، فلما قال : ( وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ ) دل على أنهم ينتفعون بهذا النصر والفتح والظفر .والفائدة الرابعة بينها - سبحانه - فى قوله ( وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ) .أى : أنكم بقتالكم لهم وانتصاركم عليهم ، تشفون قلوب جماعة من المؤمنين من غيظها المكظوم ، لأن هذه الجماعة قد لقيت ما لقيت من أذى المشركين وظلمهم وغدرهم . . فكان انتصاركم عليهم شفاء لصدورهم .قالوا : المراد بهؤلاء القوم بنو خزاعة الذين غدر بهم بنو بكر بمساعدة قريش .والأولى أن تكون الجملة الكريمة عامة فى كل من آذاهم المشركون .