ثم بين - سبحانه - أنه وحده هو الضار والنافع فقال : ( وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الغفور الرحيم ) ." المس " : أعم من اللمس فى الاستعمال ، يقال : مسه السوء والكبر والعذاب والتعب ، أى : أصابه ذلك ونزل به .والضر : اسم للألم والحزن وما يفضى إليهما أو إلى أحدهما ، كما أن النفع اسم للذة والسرور وما يفضى إليهما أو إلى أحدهما .والخير : اسم لكل ما كان فيه منفعة أو مصلحة حاضرة أو مستقبلة .والمعنى : ( وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ ) كمرض وتعب وحزن ، فلا كاشف له ، أى : لهذا الضر ( إِلاَّ هُوَ ) - سبحانه - .( وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ ) كمنحة وغنى وقوة ( فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ ) أى : فلا يستطيع أحد أن يرد هذا الخير عنك .وعبر - سبحانه - بالفضل مكان الخير للإِرشاد إلى تفضله على عباده بأكثر مما يستحقون من خيرات .وقوله ( يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ ) أى : يصيب بذلك الفضل والخير ( مَن يَشَآءُ ) إصابته ( مِنْ عِبَادِهِ ) .( وَهُوَ الغفور الرحيم ) أى : وهو الكثير والمغفرة والرحمة لمن تاب إليه ، وتوكل عليه ، وأخلص له العبادة .وفى معنى هذه الآية جاء قوله - تعالى - : ( مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ العزيز الحكيم ) وقال ابن كثير : " وروى ابن عاسكر عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اطلبوا اليخر دهركم كله ، وتعرضوا لنفحات ربكم ، فإن لله نفحات من رحمته ، يصيب بها من يشاء من عباده ، واسألوه أن يستر عوراتكم ، ويؤمن روعاتكم " .