وقد أنزلناه على الرسول الكريم ( لينذر ) به ( مَن كَانَ حَيّاً ) .أى : من كان مؤمناً عاملاً ذا قلب حى ، ونفس نقية ، وأذن واعية ، لأن من كانت هذه صفاته انتفع بالإنذار والتذكير .( وَيَحِقَّ القول عَلَى الكافرين ) أى : أن من كان ذا قلب فإنه ينتفع بالإِنذار ، أما من كان مصراً على كفره وضلاله ، فإن كلمة العذاب قد حقت عليه ، وصارت نهايته الإِلقاء به فى جهنم وبئس القرار .وقد تكلم المفسرون هنا كلاما مفصلاً . عن كون القرآن ليس شعراً ، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم ليس شاعراً ، وعلى رأسهم صاحب الكشاف فقد قال ما ملخصه : كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه شاعر . فرد عليهم بقوله : ( وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشعر ) أى : أن القرآن ليس بشعر ، وأن هو من الشعر . والشعر إنما هو كلام موزون مقفى يدل على معنى ، فأين الوزن؟ وأين التقفية؟وأين المعانى التى ينتحيها الشعراء من معانيه؟ وأين نظم كلامهم من نظمه وأساليبه . . .( وَمَا يَنبَغِي لَهُ ) أى : وما يصح له ، ولا يتطلبه إن طلبه ، أى : جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له . ولم يتسهل كما جعلناه أميا . . لتكون الحجة أثبت ، والشبهة أدحض . . .فإن قلت : فقوله :أنا النبى لا كذب ... أنا ابن عبد المطلبقلت : ما هو إلا كلام من جنس كلامه صلى الله عليه وسلم الذى كان يرمى به على السليفة . من غير صنعة ولا تكلف ، إلا أنه اتفق ذلك من غير قصد إلى ذلك ، ولا التفات منه إذا جاء موزونا ، كما يتفق فى كثير من إنشاءات الناس فى خطبهم ورسائلهم ، أشياء موزونة ، ولا يسميها أحد شعرا ، ولا يخطر ببال السامع ولا المتكلم أنها شعر . . .