وكعادة القرآن الكريم فى قرنه الترغيب والترهيب أو العكس ، أخذت السورة فى بيان حسن عاقبة المؤمنين ، بعد بيا سوء عاقبة الكافرين ، وفى لفت أنظار الناس إلى نعم الله - تعالى - عليهم ، لكى يشكروه ويخلصوا له العبادة . . قال - تعالى - :( إِنَّ الذين يَخْشَوْنَ . . . ) .قوله : ( يَخْشَوْنَ ) من الخشية ، وهى أشد الخوف وأعظمه ، والغيب : مصدر غاب يغيب ، وكثيرا ما يستعمل بمعنى الغائب ، وهو ما لا تدركه الحواس ولا يعلم ببداهة العقل .أى : إن الذين يخشون ربهم فيخافون عذابه ، ويعبدونه كأنهم يرونه ، مع أنهم لا يرونه بأعينهم . . هؤلاء الذين تلك صفاتهم ، لهم من خالقهم - عز وجل - مغفرة عظيمة ، وأجر بالغ الغاية فى الكبر والضخامة .وقوله ( بالغيب ) حال من الفاعل ، أى : غائبا عنهم ، أو من المفعول . أى : غائبين عنه . أى . يخشون عذابه دون أن يروه - سبحانه - .ويجوز أن يكون المعنى : يخشون عذابه حال كونهم غائبين عن أعين الناس ، فهم يراقبونه - سبحانه - فى السر ، كما يراقبونه فى العلانية كما قال الشاعر :يتجنب الهفوات فى خلواته ... عف السريرة ، غَيبُه كالمشهدوالحق أن هذه الصفة ، وهى خوف الله - تعالى - بالغيب ، على رأس الصفات التى تدل على قوة الإِيمان ، وعلى طهارة القلب ، وصفاء النفس . .