﴿أوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ عَطْفٌ كَما سَبَقَ وكَذا الكَلامُ في الضَّمِيرِ ولا يَخْتَلِفُ المَعْنى عَلى القَوْلَيْنِ فِيهِ وهو تَخْيِيرُهُ ﷺ بَيْنَ أنْ يَقُومَ نِصْفَ اللَّيْلِ أوْ أقَلَّ مِنَ النِّصْفِ أوْ أكْثَرَ بَيْدَ أنَّهُ رَجَّحَ الأوَّلَ بِأنَّ فِيهِ جَعْلَ مِعْيارِ النَّقْصِ والزِّيادَةِ النِّصْفَ المُقارِنَ لِلْقِيامِ وهو أوْلى مِن جَعْلِهِ لِلنِّصْفِ العارِي مِنهُ بِالكُلِّيَّةِ وإنْ تَساوَيا كَمِّيَّةً وجَهِلَ بَعْضُهُمِ الإبْدالَ مِنَ اللَّيْلِ الباقِي بَعْدَ الثُّنْيا والضَّمِيرَيْنِ لَهُ وقالَ في الإبْدالِ مِن قَلِيلٍ لَيْسَ بِسَدِيدٍ لِهَذا ولِأنَّ الحَقِيقِيَّ بِالِاعْتِناءِ الَّذِي يُنْبِئُ عَنْهُ الإبْدالُ هو الجُزْءُ الباقِي بَعْدَ الثُّنْيا المُقارِنِ لِلْقِيامِ لا لِلْجُزْءِ المُخْرَجِ العارِي عَنْهُ ولا يَخْفى أنَّهُ عَلى طَرَفِ التَّمامِ.
وكَذا اعْتَرَضَ أبُو حَيّانٍ ذَلِكَ الإبْدالَ بِقَوْلِهِ: إنَّ ضَمِيرَ ﴿نِصْفَهُ﴾ حِينَئِذٍ إمّا أنْ يَعُودَ عَلى المُبْدَلِ مِنهُ أوْ عَلى المُسْتَثْنى مِنهُ وهو ( اللَّيْلَ ) لا جائِزَ أنْ يَعُودَ عَلى المُبْدَلِ مِنهُ لِأنَّهُ يَكُونُ اسْتِثْناءَ مَجْهُولٍ مِن مَجْهُولٍ إذِ التَّقْدِيرُ إلّا قَلِيلًا نِصْفَ القَلِيلِ، وهَذا لا يَصِحُّ لَهُ مَعْنى البَتَّةَ ولا جائِزَ أنْ يَعُودَ عَلى المُسْتَثْنى مِنهُ لِأنَّهُ يَلْغُو فِيهِ الِاسْتِثْناءُ إذْ لَوْ قِيلَ قُمِ اللَّيْلَ نَصِفَهُ أوِ انْقُصْ مِنهُ قَلِيلًا أوْ زِدْ عَلَيْهِ أفادَ مَعْناهُ عَلى وجْهٍ أخْصَرَ وأوْضَحَ وأبْعَدَ عَنِ الإلْباسِ وفِيهِ أنّا نَخْتارُ الثّانِي وما زَعَمَهُ مِنَ اللُّغَوِيَّةِ قَدْ أشَرْنا إلى دَفْعِهِ وأوْضَحَهُ بَعْضُ الأجِلَّةِ بِقَوْلِهِ: إنَّ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلى تَخْفِيفِ القِيامِ وتَسْهِيلِهِ لِأنَّ قِلَّةَ أحَدِ النِّصْفَيْنِ تُلازِمُ قِلَّةَ الآخَرِ وتَنْبِيهًا عَلى تَفاوُتِ ما شُغِلَ بِالطّاعَةِ وما خَلا مِنها الإشْعارُ بِأنَّ البَعْضَ المَشْغُولَ بِمَنزِلَةِ الكُلِّ مَعَ ما في ذَلِكَ مِنَ البَيانِ بَعْدَ الإبْهامِ الدّاعِي لِلتَّمَكُّنِ في الذَّهَبِ وزِيادَةِ التَّشْوِيقِ وتَعَقَّبَ السَّمِينُ الشِّقَّ الأوَّلَ أيْضًا بِأنَّ قَوْلَهُ اسْتِثْناءُ مَجْهُولٍ مِن مَجْهُولٍ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأنَّ ( اللَّيْلَ ) مَعْلُومٌ وكَذا بَعْضُهُ مِنَ النِّصْفِ وما دُونَهُ وما فَوْقَهُ ولا ضَيْرَ في اسْتِثْناءِ المَجْهُولِ مِنَ المَعْلُومِ نَحْوَ ﴿فَشَرِبُوا مِنهُ إلا قَلِيلا﴾ [اَلْبَقَرَةِ: 249] بَلْ لا ضَمِيرَ في إبْدالِ مَجْهُولٍ مِن مَجْهُولٍ كَجاءَنِي جَماعَةٌ بَعْضُهم مُشاةٌ ومَعَ هَذا المُعَوَّلُ عَلَيْهِ ما سَلَفَ.
وجَوَّزَ أنْ يَكُونَ ﴿نِصْفَهُ﴾ بَدَلًا مِن ﴿اللَّيْلَ﴾ بَدَلَ بَعْضٍ مِن كُلٍّ والِاسْتِثْناءُ مِنهُ والكَلامُ عَلى نِيَّةِ التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ والأصْلُ ثُمَّ نِصْفَ اللَّيْلِ إلّا قَلِيلًا وضَمِيرُ مِنهُ وعَلَيْهِ لِلْأقَلِّ مِنَ النِّصْفِ المَفْهُومِ مِن مَجْمُوعِ المُسْتَثْنى مِنهُ فَكَأنَّهُ قِيلَ قُمْ أقَلَّ مِن نِصْفِ اللَّيْلِ بِأنْ تَقُومَ ثُلْثَ اللَّيْلِ أوِ انْقُصْ مِن ذَلِكَ الأقَلِّ قَلِيلًا بِأنْ تَقُومَ رُبْعَ اللَّيْلِ أوْ زِدْ عَلى ذَلِكَ الأقَلِّ بِأنْ تَقُومَ النِّصْفَ فالتَّخْيِيرُ عَلى هَذا بَيْنَ الأقَلِّ مِنَ النِّصْفِ والأقَلِّ مِنَ الأقَلِّ وإلّا زِيدَ مِنهُ وهو النِّصْفُ
صفحة 103
بِعَيْنِهِ ومَآلُهُ إلى التَّخْيِيرِ بَيْنَ النِّصْفِ والثُّلْثِ والرُّبْعِ، فالفَرْقُ بَيْنَ هَذا الوَجْهِ وما ذَكَرَ قِيلَ مِثْلَ الصُّبْحِ ظاهِرٌ وفي الكَشّافِ ما يُفْهَمُ مِنهُ عَلى ما قِيلَ إنَّ التَّخْيِيرَ فِيما وراءَ النِّصْفِ أيْ فِيما يَقِلُّ عَنِ النِّصْفِ ويَزِيدُ عَلى الثُّلْثِ فَلا يَبْلُغُ بِالزِّيادَةِ النِّصْفَ ولا بِالنُّقْصانِ الثُّلْثَ. قالَ في الكَشْفِ وإنَّما جَعَلَ الزِّيادَةَ دُونَ النِّصْفِ والنُّقْصانَ فَوْقَ الثُّلْثِ لِأنَّهُما لَوْ بَلَغا إلى الكَسْرِ الصَّحِيحِ لَكانَ الأشْبَهُ أنْ يُذْكَرَ بِصَرِيحِ اسْمَيْهِما وأيْضًا إيثارُ القِلَّةِ ثانِيًا دَلِيلٌ عَلى التَّقْرِيبِ مِن ذَلِكَ الأقَلِّ وما انْتَهى إلى كَسْرٍ صَحِيحٍ فَلَيْسَ بِناقِصٍ قَلِيلٍ في ذَوْقِ هَذا المَقامِ وذا القَوْلُ في جانِبِ الزِّيادَةِ كَيْفَ وقَدْ بَنى الأمْرَ عَلى كَوْنِهِ أقَلَّ مِنَ النِّصْفِ انْتَهى وهو وجْهٌ مُتَكَلَّفٌ ونَحْوَهُ فِيما أرى ما سَمِعْتُ قَبِيلَهُ وظاهِرُ كَلامِ بَعْضِهِمْ أنَّ ذِكْرَ الثُّلُثِ والرُّبْعِ والنِّصْفِ فِيهِ عَلى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ لا أنَّ الأقَلَّ والأنْقَصَ والأزْيَدَ مَحْصُوراتٌ فِيما ذَكَرَ.وجَوَّزَ أيْضًا كَوْنَ الكَلامِ عَلى نِيَّةِ التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ كَما مَرَّ آنِفًا لَكِنْ مَعَ جَعْلِ الضَّمِيرَيْنِ لِلنِّصْفِ لا لِلْأقَلِّ مِنهُ كَما في ذَلِكَ والمَعْنى التَّخْيِيرُ بَيْنَ أمْرَيْنِ بَيْنَ أنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أقَلَّ مِن نِصْفِ اللَّيْلِ عَلى البَتِّ وبَيْنَ أنْ يَخْتارَ أحَدَ الأمْرَيْنِ وهُما النُّقْصانُ مِنَ النِّصْفِ والزِّيادَةُ عَلَيْهِ فَكَأنَّهُ قِيلَ قُمْ أقَلَّ مِن نِصْفِ اللَّيْلِ عَلى البَتِّ أوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ أوْ زِدْ عَلَيْهِ تَخْيِيرًا قِيلَ ولِلِاعْتِناءِ بِشَأْنِ الأقَلِّ لِأنَّهُ الأصْلُ الواجِبُ كُرِّرَ عَلى نَحْوِ أكْرِمْ إمّا زَيْدًا وإمّا زَيْدًا أوْ عَمْرًا وتُعُقِّبَ بِأنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا لِأنَّ تَقْدِيمَ الِاسْتِثْناءِ عَلى البَدَلِ ظاهِرٌ في أنَّ البَدَلَ مِنَ الحاصِلِ بَعْدَ الِاسْتِثْناءِ لِأنَّ في تَقْدِيرِ تَأْخِيرِ الِاسْتِثْناءِ عُدُولًا عَنِ الأصْلِ مِن غَيْرِ دَلِيلٍ.
ولِأنَّ الظّاهِرَ عَلى هَذا رُجُوعُ الضَّمِيرَيْنِ إلى النِّصْفِ بَعْدَ الِاسْتِثْناءِ لِأنَّهُ السّابِقُ لا النِّصْفُ المُطْلَقُ وأيْضًا الظّاهِرَ أنَّ النُّقْصانَ رُخْصَةٌ لِأنَّ الزِّيادَةَ نَفْلٌ والِاعْتِناءَ بِشَأْنِ العَزِيمَةِ أوْلى ثُمَّ فِيهِ أنَّهُ لا يَجُوزُ قِيامُ النِّصْفِ ويَرُدُّهُ القِراءَةُ الثّابِتَةُ في السَّبْعَةِ: ﴿إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أنَّكَ تَقُومُ أدْنى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ ونِصْفَهُ وثُلُثَهُ﴾ [اَلْمُزَّمِّلِ: 20] بِالجَرِّ فَإنِ اسْتَدَلَّ مِن جَوازِ الأقَلِّ عَلى جَوازِهِ لِمَفْهُومِ المُوافَقَةِ لَزِمَ أنَّ يُلْغُوا التَّعَرُّضَ لِلزِّيادَةِ عَلى النِّصْفِ لِذَلِكَ أيْضًا ولا يَخْفى أنَّ بَعْضَ هَذا يُرَدُّ عَلى الوَجْهِ المارِّ آنِفًا واعْتُرِضَ قَوْلُهُ الظّاهِرُ أنَّ النُّقْصانَ رُخْصَةٌ بِأنَّهُ مَحَلُّ نَظَرٍ إذِ الظّاهِرُ أنَّهُ مِن قَبِيلِ ﴿فَإنْ أتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِن عِنْدِكَ﴾ [اَلْقَصَصِ: 27] فالتَّخْيِيرُ لَيْسَ عَلى حَقِيقَتِهِ وفِيهِ بَحْثٌ.
وجَوَّزَ أيْضًا كَوْنَ الإبْدالِ مِن ﴿قَلِيلا﴾ الثّانِي بِمَعْنى نِصْفِ النِّصْفِ وهو الرُّبْعُ وضَمِيرُ عَلَيْهِ لِهَذا القَلِيلِ وجَعَلَ المَزِيدَ عَلى هَذا القَلِيلِ أعْنِي الرُّبْعَ نِصْفَ الرُّبْعِ كَأنَّهُ قِيلَ قُمْ نِصْفَ اللَّيْلِ أوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ قَلِيلًا نِصْفَهُ أوْ زِدْ عَلى هَذا القَلِيلِ قَلِيلًا نِصْفَهُ ومَآلُهُ قُمْ نِصْفَ اللَّيْلِ أوْ نِصْفَ أوْ زِدْ عَلى نِصْفِ النِّصْفِ نِصْفَ نِصْفِ النِّصْفِ فَيَكُونُ التَّخْيِيرُ فِيما إذا كانَ اللَّيْلُ سِتَّ عَشْرَةَ ساعَةً مَثَلًا بَيْنَ قِيامِ ثَمانِي ساعاتٍ وأرْبَعٍ وسِتٍّ ولا يَخْفى أنَّ الإطْلاقَ في أوْ زِدْ عَلَيْهِ ظاهِرُ الإشْعارِ بِأنَّهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِقَلِيلًا إذْ لَوْ كانَ لِلِاسْتِغْناءِ لاكْتَفى في أوِ انْقُصْ إلَخِ بِالأوَّلِ أيْضًا ومِن هُنا قِيلَ يَجُوزُ أنْ تُجْعَلَ الزِّيادَةُ لِكَوْنِها مُطْلَقَةً تَتِمَّةً لِلثُّلْثِ فَيَكُونُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ النِّصْفِ والثُّلْثِ والرُّبْعِ وفِيهِ أنَّ جَعْلَها تَتِمَّةَ الثُّلْثِ لا دَلِيلَ عَلَيْهِ سِوى مُوافَقَةِ القِراءَةِ بِالجَرِّ في نِصْفِهِ وثُلْثِهِ بَعْدُ. وجَوَّزَ الإمامُ أنْ يُرادَ بِقَلِيلًا في قَوْلِهِ تَعالى ﴿إلا قَلِيلا﴾ الثُّلُثَ وقالَ إنَّ ﴿نِصْفَهُ﴾ عَلى حَذْفِ حَرْفِ العَطْفِ فَكَأنَّهُ قِيلَ ثُلْثَيِ اللَّيْلِ أوْ قُمْ نِصْفَهُ أوِ انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ أوْ زِدْ عَلَيْهِ وأطالَ في بَيانِ ذَلِكَ والذَّبِّ عَنْهُ ومَعَ ذَلِكَ لا يَخْفى حالُهُ وذَكَرَ أيْضًا وجْهًا ثانِيًا لا يَخْفى أمْرُهُ عَلى مَن أحاطَ بِما تَقَدَّمَ خَبَرًا نَعَمْ تَفْسِيرُهُ القَلِيلَ بِالثُّلْثِ مَرْوِيٌّ عَنِ الكَلْبِي ومُقاتِلٍ وعَنْ وهَبِ بْنِ مُنَبِّهٍ تَفْسِيرُهُ بِما دُونَ المِعْشارِ والسُّدْسِ وهو عَلى ما قَدَّمْنا نِصْفٌ.
واسْتَدَلَّ بِهِ مَن قالَ بِجَوازِ اسْتِثْناءِ النِّصْفِ وما فَوْقَهُ عَلى ما فُصِّلَ في الأُصُولِ وقالَ التَّبْرِيزِيُّ الأمْرُ بِالقِيامِ والتَّخْيِيرِ في الزِّيادَةِ والنُّقْصانِ وقَعَ عَلى الثُّلْثَيْنِ مِن آخَرِ اللَّيْلِ لِأنَّ الثُّلْثَ الأوَّلَ وقْتُ العَتَمَةِ والِاسْتِثْناءَ وارِدٌ عَلى المَأْمُورِ بِهِ فَكَأنَّهُ قِيلَ قُمْ ثُلْثَيِ اللَّيْلِ ( إلّا ) قَلِيلًا ثُمَّ جَعَلَ نِصْفَهُ
صفحة 104
بَدَلًا مِن قَلِيلًا فَصارَ القَلِيلُ مُفَسَّرًا بِالنِّصْفِ مِنَ الثُّلْثَيْنِ وهو قَلِيلٌ عَلى ما تَقَدَّمَ أوِ انْقَصْ مِنهُ أيْ مِنَ المَأْمُورِ بِهِ وهو قِيامُ الثُّلْثَيْنِ قَلِيلًا أيْ ما دُونَ نِصْفِهِ أوْ زِدْ عَلَيْهِ فَكانَ التَّخْيِيرُ في الزِّيادَةِ والنُّقْصانِ واقِعًا عَلى الثُّلْثَيْنِ انْتَهى.وهُوَ كَما تَرى وقِيلَ الِاسْتِثْناءُ مِن أعْدادِ اللَّيْلِ لا مِن أجْزائِهِ فَإنَّ تَعْرِيفَهُ لِلِاسْتِغْراقِ إذْ لا عَهْدَ فِيهِ والضَّمِيرُ راجِعٌ إلَيْهِ بِاعْتِبارِ الأجْزاءِ عَلى أنَّ هُناكَ اسْتِخْدامًا أوْ شِبْهَهُ والتَّخْيِيرُ بَيْنَ قِيامِ النِّصْفِ والنّاقِصِ عَنْهُ والزّائِدِ عَلَيْهِ وهو بِمَكانٍ مِنَ البُعْدِ وبِالجُمْلَةِ قَدْ أكْثَرَ المُفَسِّرُونَ الكَلامَ في هَذِهِ الآيَةِ حَتّى ذَكَرُوا ما لا يَنْبَغِي تَخْرِيجُ كَلامِ اللَّهِ تَعالى العَزِيزِ عَلَيْهِ وأظْهَرُ الوُجُوهِ عِنْدِي وأبْعَدُها عَنِ التَّكَلُّفِ وألْيَقُها بِجَزالَةِ التَّنْزِيلِ هو ما ذَكَرْناهُ أوَّلًا واَللَّهُ تَعالى أعْلَمُ بِما في كِتابِهِ الجَلِيلِ الجَزِيلِ وسَيَأْتِي إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى ما يَتَعَلَّقُ بِالأمْرِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ ﴿قُمِ اللَّيْلَ﴾ إلَخِ ﴿ورَتِّلِ القُرْآنَ﴾ أيْ في أثْناءِ ما ذَكَرَ مِنَ القِيامِ أيِ اقْرَأْهُ عَلى تُؤَدَةٍ وتَمَهُّلٍ وتَبْيِينِ حُرُوفٍ ﴿تَرْتِيلا﴾ بَلِيغًا بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ السّامِعُ مِن عَدِّها مِن قَوْلِهِمْ ثَغْرٌ رَتْلٌ بِسُكُونِ التّاءِ ورَتِلٌ بِكَسْرِها إذا كانَ مُفَلَّجًا لَمْ تَتَّصِلْ أسْنانُهُ بَعْضُها بِبَعْضٍ
وأخْرَجَ العَسْكَرِيُّ في المَواعِظِ «عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ فَقالَ: بَيِّنْهُ تَبْيِينًا ولا تَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقْلِ ولا تَهُذَّهُ هَذا الشِّعْرِ قِفُوا عِنْدَ عَجائِبِهِ وحَرِّكُوا بِهِ القُلُوبَ ولا يَكُنْ هَمُّ أحَدِكم آخَرَ السُّورَةِ» .